مسألة ٣٦ : إذا وجب عليه الحجّ وكان عليه خمس أو زكاة أو غيرهما من الحقوق الواجبة لزمه أداؤها ولم يجز له تأخيره لأجل السفر إلى الحجّ (١). ولو كان ثياب طوافه وثمن هديه من المال الّذي قد تعلّق به الحق لم يصحّ حجّه (٢).


لأداء ما عليه من الخمس أو الزّكاة ، فهل يقدّم الحجّ على أداء الحق الشرعي أم لا؟ وهنا صورتان :

الاولى : ما إذا كان الحق متعلّقاً بذمّته ، وحكمه حكم الدّين الشخصي وقد عرفت أنّ الدّين المطالب به يقدّم على الحجّ ، ولا فرق بين كونه مديناً لشخص معيّن أو لجهة من الجهات ، فيتزاحم التكليفان ويجب عليه صرف المال في أداء الدّين ، لأهميّته من حق الله تعالى فتزول الاستطاعة.

الثّانية : أن يكون الحق الّذي هو الزكاة أو الخمس متعلّقاً بعين ماله فلا ريب أيضاً في تقديمهما على الحجّ ، لا لأنّ التعلّق بالعين مانع عن التصرّف فيها على خلاف مقتضى الحال كالتصرّف في العين المغصوبة فإنّه لا يجوز التصرّف فيها ، فإنّ الجواب عن هذا واضح لأنّ حرمة التصرّف في المال لا تكون مانعة ، ولذا لو عزل الزكاة وجاز له تأخير أدائها لم يجز له التصرّف في المال بالحج ، فيتبيّن أنّ عدم وجوب الحجّ غير مستند إلى الحكم التكليفي كحرمة التصرّف في المال أو وجوب الأداء ، بل الوجه في التقديم أنّه مع وجود الحق في ذمّته غير مستطيع وغير واجد لما يحجّ به فإنّ ثبوت الحق في ذمّته يوجب فقدان موضوع الحجّ وهو الاستطاعة.

(١) لعدم الفرق بين الدّين لشخص أو لجهة كالفقراء والسادة ، وقد عرفت فيما سبق أنّ أداء الدّين لأهميّته يقدّم على الحجّ.

(٢) لأنّه كالمغصوب والمعتبر إباحة ثوب الطّواف ، كما أنّه يعتبر حلية ثمن الهدي وإلّا فلا يدخل في ملكه فيكون تاركاً للهدي ، وقد تقدّم الكلام في ذلك في المسألة الثلاثين.

۵۵۴