مسألة ٣٧ : إذا كان عنده مقدار من المال ولكنّه لا يعلم بوفائه بنفقات الحجّ لم يجب عليه الحجّ ولا يجب عليه الفحص (١) وإن كان الفحص أحوط.


(١) لأنّ الشبهة موضوعيّة فتجري فيها أصالة البراءة العقليّة والنقليّة ، ولا دليل على وجوب الفحص فيها.

وربّما يستدل لوجوب الفحص في المقام بأُمور :

منها : ما عن المحقق النائيني قدس‌سره من أنّ هذا المقدار من الفحص لا يعد من الفحص عرفاً ، فإنّ الفحص بمقدار يعرف أنّه مستطيع أم لا كالمراجعة إلى دفتر حساباته لا يعد ذلك لدى العرف فحصاً ، فإنّه نظير النظر إلى الأُفق لتبين الفجر ونحو ذلك (١).

والجواب عنه : أنّ الفحص لم يؤخذ في لسان أيّ دليل حتّى يقال بأنّ هذا المقدار من الفحص ليس فحصاً عرفاً أو هو فحص عرفاً ، وأدلّة البراءة موضوعها الجاهل والشاك ، ومقتضى إطلاقها جريان البراءة ما دام المكلّف جاهلاً بالموضوع ولا دليل على اعتبار الفحص ، وإنّما يعتبر الفحص في الشبهات الحكمية لدليل مذكور في محلِّه (٢) غير جار في الشبهات الموضوعيّة ، كما يعتبر الفحص في الشبهات المقرونة بالعلم الإجمالي والموضوعات المهمّة كالدماء والفروج ، وفي غير ذلك يتمسّك بإطلاق أدلّة الأُصول. نعم ، في بعض الموارد قد لا يصدق عنوان الجاهل كالمورد الّذي يحتاج إلى الفحص اليسير جدّاً ، بل قد لا يعد من الفحص كالنظر إلى الأُفق بفتح عينه ليرى الفجر ، ففي مثله لا يجري الاستصحاب.

ومنها : بأنّه لولا الفحص لزمت المخالفة القطعيّة الكثيرة.

وفيه أوّلاً بالنقض بموارد كثيرة للأُصول الشرعيّة ، كالشك في الطّهارة والنّجاسة ونحوهما ممّا يعلم فيها بالمخالفة غالباً لو تفحّص عنها.

__________________

(١) فوائد الأُصول ٤ : ٣٠٢.

(٢) مصباح الأُصول ٢ : ٤٨٩.

۵۵۴