مسألة ٥٧ : إذا حجّ لنفسه أو عن غيره تبرّعاً أو بإجارة ، لم يكفه عن حجّة الإسلام فيجب عليه الحجّ إذا استطاع بعد ذلك (١).


وأمّا إذا رجع المالك إلى المبذول له ، فله أن يرجع إلى الباذل ، لأنّ المال بعد ما غرمه المبذول له للمالك صار ملكاً للمبذول له بقاءً على ما عرفت فهو مالك جديد للمال ، والمفروض أنّ الباذل فوّت المال على المالك الجديد وهو المبذول له.

فالباذل ضامن إمّا للمالك الأوّل وهو المغصوب منه ، وإمّا للمالك الثّاني وهو المبذول له. إلّا أنّه إنّما يكون له الرّجوع إلى الباذل فيما إذا كان المبذول له جاهلاً بالغصب ، وإلّا لو كان عالماً به فلا وجه لرجوعه إلى الباذل ، لأنّ المبذول له بعد علمه بالحال يكون بنفسه غاصباً ومتلفاً للمال ، ولم يكن في البين غرور من ناحية الباذل ليرجع إليه ، كما لو قدم صاحب الدار الطعام المغصوب إلى الضيف وكان الضيف عالماً بالغصب ، فإنّه لا مجال لرجوع الضيف إلى صاحب الدار إذا رجع المالك إلى الضيف لأنّ الضيف بنفسه يكون متلفاً لمال الغير من دون تغرير من صاحب الدار ، كما تقتضيه بناء العقلاء وسيرتهم.

(١) إذا حجّ لنفسه تطوّعاً أو واجباً وفاءً لنذر أو لشرط في ضمن عقد لازم ونحو ذلك مع عدم كونه مستطيعاً لا يكفيه عن حجّة الإسلام ، لاشتراط وجوب حجّة الإسلام بالاستطاعة والمفروض فقدانها ، فلا مقتضي للقول بالإجزاء فيجب عليه الحجّ إذا استطاع بعد ذلك ، لإطلاق ما دلّ على وجوب الحجّ إذا حصلت الاستطاعة ولا دليل على سقوطه بالحج الصادر عن غير استطاعة. ومنه يظهر عدم إجزاء ما حجّ عن غيره تبرّعاً أو بإجارة إذا لم يكن مستطيعاً.

نعم ، وردت في خصوص الحجّ عن الغير روايات يدل على الإجزاء وعمدتها صحيحتان لمعاوية بن عمار ، الاولى : «عن رجل حجّ عن غيره يجزئه عن حجّة الإسلام؟ قال : نعم» (١) ، الثّانية : «حجّ الصّرورة يجزئ عنه وعمّن حجّ عنه» (٢).

__________________

(١) ، (٢) الوسائل ١١ : ٥٦ / أبواب وجوب الحجّ ب ٢١ ح ٤ ، ٢.

۵۵۴