حجّ الإفراد
مرّ عليك أنّ حج التمتّع يتألّف من جزأين هما : عمرة التمتّع والحجّ ، والجزء الأوّل متصل بالثاني والعمرة تتقدم على الحجّ.
أمّا حجّ الإفراد فهو عمل مستقل في نفسه واجب كما علمت على من يكون الفاصل بين منزله وبين المسجد الحرام أقل من ستّة عشر فرسخاً ، وفيما إذا تمكّن مثل هذا المكلّف من العمرة المفردة وجبت عليه بنحو الاستقلال أيضاً.
وعليه فإذا تمكّن من أحدهما دون الآخر وجب عليه ما يتمكّن منه خاصّة ، وإذا تمكّن من أحدهما في زمان ومن الآخر في زمان آخر وجب عليه القيام بما تقتضيه وظيفته في كل وقت ، وإذا تمكّن منهما في وقت واحد وجب عليه حينئذ الإتيان بهما ، والمشهور بين الفقهاء في هذه الصورة وجوب تقديم الحجّ على العمرة المفردة وهو الأحوط (١).
(١) قد ذكرنا في البحث عن العمرة أنّها واجبة على نحو الاستقلال على كلّ من استطاع لها خاصّة ولو لم يستطع للحج (١) ، ولكن الظاهر عدم وجوبها منفردة على من كانت وظيفته حجّ التمتّع ، ولم يكن مستطيعاً له وإن استطاع لها.
وقد عرفت أنّ العمرة والحجّ مرتبطان لا ينفك أحدهما عن الآخر ، ولا يشرع أحدهما إلّا لمن شرع له الآخر إجماعاً ونصّاً ، بخلاف حجّ الإفراد فإنّه يجوز الإتيان بأحد النسكين دون الآخر في التطوّع ، وكذلك في الواجب إذا استطاع لأحدهما دون الآخر ، أو نذر أحدهما أو استؤجر لأحدهما دون الآخر ، فلا يرتبط أحدهما بالآخر. ولو استطاع لهما في سنة واحدة وجب الإتيان بهما.
__________________
(١) في ص ١٤٩ المسألة ١٣٦.