الثّاني : الأمن والسّلامة وذلك بأن لا يكون خطراً على النفس أو المال أو العرض ذهاباً وإياباً وعند القيام بالأعمال (١) ،
الوقت فلا يجوز له أن يتصرّف في المال بما يخرجه عن الاستطاعة ، بل يجب عليه التحفّظ على المال إلى السنة القادمة ، وذلك لتقبيح العقل تفويت الواجب عليه وتعجيز نفسه عن أدائه بعد تنجزه ووجوبه عليه بشرائطه وحدوده وإن كان الواجب متأخّراً ، فإنّ الميزان في عدم جواز تعجيز نفسه من إتيان الواجب هو تنجّز الوجوب وفعليته ، سواء كان الواجب فعليّاً أو استقباليّاً.
نعم ، وقع الكلام في مبدأ هذا الوجوب ، فقد ذكر بعضهم أنّ مبدأه خروج الرفقة فلا يجوز تعجيز نفسه عند خروج الرفقة ، وذكر السيِّد الطباطبائي قدسسره في العروة أنّ مبدأه هو التمكّن من المسير ولا عبرة بخروج الرفقة (١) ، وعن بعضهم أنّ مبدأه أشهر الحجّ ، فلا يجوز تفويت الاستطاعة فيها كما عن المحقق النائيني قدسسره (٢).
ولكن الظاهر أنّه لا دليل على شيء من ذلك ، فإنّ مقتضى الآية المباركة والنصوص المفسّرة للاستطاعة تنجز الوجوب عليه بمجرّد حصول الزاد والرّاحلة وتخلية السرب وصحّة البدن ، من دون فرق بين حصول ذلك في أشهر الحجّ أم لا ، أو خروج الرفقة والتمكّن من المسير أم لا ، بل مقتضاها أنّه متى حصلت الاستطاعة تنجز الوجوب عليه في أيّ وقت كان ، وعليه فلو حصلت له الاستطاعة في هذه السنة لا يجوز له تفويتها فيما لو علم بتمكّنه من الحجّ في السنين اللّاحقة ، ويجب عليه إبقاء المال إلى السنة المقبلة.
(١) أمّا اعتبار الأمن وعدم الخطر في الطريق على نفسه أو بدنه أو عرضه أو ماله
__________________
(١) العروة الوثقى ٢ : ٢٣٩ / ٣٠٢٠.
(٢) دليل الناسك : ٣٦.