بعيد جدّاً.
نعم ، دلّ النص على جواز الاستظلال بظل المحمل للراجل (١) وربما يستدل به على جواز الاستظلال له مطلقاً بدعوى حمل المحمل على المثال ، ولذا عطف الشهيد الثاني قوله : «ونحوه» على ظل المحمل (٢) ، وهذه الدعوى وإن لم تكن بعيدة في نفسها كل البعد ولكنه مع ذلك خلاف الظاهر من الأدلّة ، فإنّ الظاهر منها هو المنع عن التظليل مطلقاً ، راكباً كان أو راجلاً بظل المحمل وغيره ، وإنّما جوّز النص الخاص التظليل له بظل المحمل حال المشي ، وهذا مما نلتزم به للتعبد بالنص ولا يدل على جواز الاستظلال مطلقاً ولو بظل غير المحمل ، والأحكام تعبّدية وملاكاتها مجهولة عندنا ، فيجب الاقتصار على مورد النص. ودعوى أنّ المتبادر من الأخبار الاستتار حال الركوب غير مسموعة بعد إطلاق الأدلّة ، فمقتضى إطلاق النصوص عدم جواز الاستظلال للراجل مطلقاً بمظلة ونحوها ، إلّا الاستظلال بظل المحمل حال السير.
وأمّا رواية الاحتجاج الدالّة على جواز الاستظلال للماشي مطلقاً ولو بظل غير المحمل فضعيفة للإرسال (٣).
الثالث : ذهب جماعة إلى اختصاص حرمة التظليل بما يكون على رأسه ، كالقبة وسقف السيارة ورفع المظلة فوق رأسه ونحو ذلك مما يكون فوق رأسه ، وأمّا الاستتار عن الشمس بأحد الجانبين على وجه لا يكون الساتر فوق رأسه فلا بأس به ، بل ادعى بعضهم جواز ذلك بلا خلاف. ونسبه آخر إلى جميع أهل العلم ، بل ذكر بعضهم أنّ التظليل لا يتحقق إلّا بما يكون فوق رأسه كالمحمل ونحوه. وممن صرّح بالجواز شيخنا الأُستاذ (٤) ، واستدلّوا بوجوه ضعيفة غير قابلة للذكر ولا يقاوم إطلاق الأدلّة الناهية عن التستر عن الشمس والآمرة بالاضحاء ، فانّ المتفاهم منها هو المنع
__________________
(١) الوسائل ١٢ : ٥٢٤ / أبواب تروك الإحرام ب ٦٧ ح ١ وب ٦٦ ح ٦.
(٢) الروضة البهية ٢ : ٢٤٤.
(٣) الوسائل ١٢ : ٥٢٣ / أبواب تروك الإحرام ب ٦٦ ح ٦.
(٤) دليل الناسك (المتن) : ١٦٩.