مسألة ٤٠ : الظاهر أنّه لا يعتبر في الزاد والرّاحلة ملكيتهما ، فلو كان عنده مال يجوز له التصرّف فيه وجب عليه الحجّ إذا كان وافياً بنفقات الحجّ مع وجدان سائر الشروط (١).
(١) لصدق الاستطاعة بالتمكّن من التصرّف في المال ، وإباحته له وإن لم يكن المال ملكاً له.
وربما يورد عليه بأنّ مقتضى إطلاق بعض الأخبار المفسّرة للاستطاعة كقوله عليهالسلام : «له زاد وراحلة» (١) ملكية الزاد والرّاحلة ، لظهور اللّام في الملك فلا يكفي مجرّد الإباحة ، وأمّا وجوب الحجّ بالبذل فقد ثبت بالدليل ، فالمستفاد من الأخبار وجوب الحجّ بملكيّة الزاد والرّاحلة أو ببذلهما ، وأمّا قوله عليهالسلام : «إذا قدر الرّجل على ما يحجّ به» ونحوه كما في صحيح الحلبي (٢) وغيره ممّا ظاهره الأعم من الملك والإباحة فمقتضى القاعدة تقييده بالملك لحمل المطلق على المقيّد.
ففيه : مضافاً إلى إمكان منع ظهور اللّام في الملك دائماً بل كثيراً ما يستعمل في مطلق الاختصاص كقولنا : الجل للفرس ، أنّه لا مجال لحمل المطلق على المقيّد في أمثال المقام ، فإنّ المطلق إنّما يحمل على المقيّد إذا وردا في متعلّقات الأحكام كالمثال المعروف أعتق رقبة ، وأعتق رقبة مؤمنة ، لا في موضوعاتها كنجاسة الخمر والمسكر ، فإنّ المطلق إنّما يحمل على المقيّد لحصول التنافي بينهما بعد إحراز وحدة المطلوب كمورد المثال المعروف ، وأمّا إذا لم يكن بينهما تناف فلا موجب للحمل ، كما في المقام فإنّ حصول الاستطاعة بملكيّة الزاد والرّاحلة لا يناف حصولها بالإباحة وجواز التصرّف في المال بأيّ نحو حصلت.
وأمّا قياس الإباحة المالكيّة بالإباحة الشرعيّة كالأنفال والمعادن والمباحات
__________________
(١) الوسائل ١١ : ٣٥ / أبواب وجوب الحجّ ب ٨ ح ٧.
(٢) الوسائل ١١ : ٢٦ / أبواب وجوب الحجّ ب ٦ ح ٣.