مسألة ١٧٨ : لا يعتبر في صحّة الإحرام العزم على ترك محرماته حدوثاً وبقاءً إلّا الجماع والاستمناء ، فلو عزم من أوّل الإحرام في الحجّ على أن يجامع زوجته أو يستمني قبل الوقوف بالمزدلفة أو تردد في ذلك ، بطل إحرامه على وجه ، وأمّا لو عزم على الترك من أوّل الأمر ولم يستمر عزمه ، بأن نوى بعد تحقق الإحرام الإتيان بشي‌ء منهما لم يبطل إحرامه (١).


ومنها : صحيح ابن سنان «إذا أردت الإحرام والتمتّع فقل : اللهمّ إنّي أُريد ما أمرت به من التمتّع بالعمرة إلى الحجّ» (١).

وفي بعض الرّوايات ما يظهر منه استحباب الإضمار وعدم التلفّظ ففي صحيح منصور بن حازم «أمرنا أبو عبد الله عليه‌السلام أن نلبّي ولا نسمِّي شيئاً ، وقال : أصحاب الإضمار أحب إليّ» (٢) وحملوا هذه الرّوايات على التقيّة جمعاً بين الأخبار كما عن المنتهي (٣) والمدارك (٤).

ويمكن أن يقال : إنّ ما دلّ على استحباب الإضمار يراد به عدم الإظهار بالعمرة أو الحجّ ، لا استحباب إضمار النيّة وعدم التلفظ بها ، فإنّه بذلك يجمع بين التلفظ بالنيّة والتقيّة.

(١) لأنّ الإحرام ليس هو الالتزام وتوطين النفس على ترك المحرمات ، بل الإحرام عبارة عن التلبية الموجبة للإحرام والدخول في الحرمة أو عمّا يترتب على التلبية ، فالإحرام اسم للسبب أو للمسبب ، فهو نظير الأفعال التوليديّة المترتبة على عناوين خاصّة كالطهارة المترتبة على الوضوء أو الغسل ، ولذا قد يؤمر بالغسل وقد يؤمر بالطهارة كقوله تعالى ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وقوله تعالى ﴿... وَلا جُنُباً إِلّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا ... وهكذا المقام ، فإنّه قد أُمر في الرّوايات تارة

__________________

(١) الوسائل ١٢ : ٣٤١ / أبواب الإحرام ب ١٦ ح ٢.

(٢) الوسائل ١٢ : ٣٤٤ / أبواب الإحرام ب ١٧ ح ٥.

(٣) المنتهي ٢ : ٦٧٦ ، السطر ٢٤.

(٤) لاحظ المدارك ٧ : ٣٠٠.

۵۵۴