مسألة ١ : وجوب الحجّ بعد تحقّق شرائطه فوري فتجب المبادرة إليه في سنة الاستطاعة (١)


قوله تعالى ﴿إِنَّمَا النَّسِي‌ءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ ... (١) فربّما يمرّ عام قمري ولا يحجّون فيه فأنزل الله تعالى آية الحجّ ردّاً عليهم بأنّ الحجّ يجب الإتيان به في كلّ عام قمري ولا يجوز خلوّه من الحجّ ، وأنّه لا بدّ من الإتيان به في كلّ شهر ذي الحجّة ، فالمنظور في الآية والرّوايات أنّ كلّ سنة قمريّة لها حج يجب الإتيان به ، لا أنّه يجب الحجّ على كلّ أحد في كلّ عام.

(١) ويدل عليه أمران :

الأوّل : حكم العقل بذلك ، فإنّ الواجب بعد ما تحققت شرائطه وكان المكلّف واجداً لشرائط التكليف فلا بدّ للمكلّف من تفريغ ذمّته بالإتيان بما أُمر به ليأمن العقوبة من مغبّة العصيان ، ولا عذر له في التأخير مع احتمال الفوت. نعم ، لو اطمأنّ بالبقاء وبالتمكّن من إتيان الواجب ولو في آخر الوقت لا تجب المبادرة حينئذ ، ولذا جاز تأخير بعض الواجبات المؤقتة كالصلاة عن أوّل وقتها ، لأجل حصول الاطمئنان والوثوق ببقائه والتمكّن من الإتيان بالمأمور به ولو في آخر الوقت ، لكون الوقت قصيراً لا يحتمل التلف والفوت في هذه المدّة غالباً ، وهذا الاطمئنان والوثوق غير حاصل في الحجّ لأنّ الفصل طويل والطوارئ والموانع كثيرة.

وبالجملة الميزان في جواز التأخير ووجوب المبادرة حصول الاطمئنان بالبقاء وعدمه ، وعليه فربّما نلتزم بالفوريّة حتّى في الصلاة فيما إذا لم يطمئن المكلّف بالبقاء إلى آخر الوقت.

الثّاني : الأخبار الدالّة على المنع عن التسويف وعدم المبادرة.

منها : معتبرة أبي بصير قال : «سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : من مات

__________________

(١) التّوبة ٩ : ٣٧.

۵۵۴