الشرط الثّاني : العقل
فلا يجب الحج على المجنون وإن كان أدواريّاً (١) نعم ، إذا أفاق المجنون في أشهر الحجّ وكان مستطيعاً ومتمكّناً من الإتيان بأعمال الحجّ وجب عليه ، وإن كان مجنوناً في بقيّة الأوقات (٢).
الشرط الثّالث : الحرّيّة
فلا يجب الحجّ على المملوك وإن كان مستطيعاً ومأذوناً من قبل المولى (٣)
والجواب عنه : أنّ هذه الجملة بقرينة قوله : «يحمل على العاقلة» ناظرة إلى باب الديات والجنايات الّتي لعمدها حكم ولخطئها حكم آخر ، فإذا قتل الصبي عمداً يترتب على فعله حكم قتل الخطأ الصادر من البالغين ولا يقتص منه ، وأمّا المورد الّذي ليس له إلّا حكم واحد في حال العمد فغير مشمول لهذه الجملة ، ولذا لم يستشكل أحد في بطلان صلاة الصبي إذا تكلّم عمداً أو بطلان صومه إذا أفطر عمداً.
(١) لا ريب ولا خلاف بين العلماء كافة في اعتبار العقل في جميع التكاليف الإلهيّة وأنّ الأحكام الشرعيّة غير متوجّهة إلى المجنون فإنّه كالبهائم من هذه الجهة.
ويدلُّ على ذلك مضافاً إلى ما تقدّم ، ما ورد من أنّ أوّل ما خلق الله العقل استنطقه ، ثمّ قال له : أقبل فأقبل ، ثمّ قال له : أدبر فأدبر ، ثمّ قال : وعزّتي وجلالي إلى أن يقول وإيّاك أُعاقب ، وإيّاك أُثيب (١) فإنّه صريح في أنّ الثواب والعقاب يدوران مدار وجود العقل وعدمه.
(٢) لوجود المقتضي وعدم المانع ، ومجرّد حصول الجنون في بقيّة الأوقات السابقة أو اللّاحقة لا يمنع عن توجه التكليف إليه حال إفاقته.
(٣) قد تسالم الأصحاب على اعتبار الحرّيّة في وجوب الحجّ ، فلا يجب على
__________________
(١) الوسائل ١ : ٣٩ / أبواب مقدّمات العبادات ب ٣ ح ١.