مسألة ٤٣ : كما تتحقّق الاستطاعة بوجدان الزاد والرّاحلة تتحقّق بالبذل (١).


أن رفع الحكم في مورده حكم ظاهري لا ينافي وجوب الحجّ واستقراره عليه واقعاً إذ العلم بالاستطاعة لم يؤخذ في موضوع وجوب الحجّ ، ولا مانع من توجّه التكليف إليه لتمكّنه من الإتيان به ولو على سبيل الاحتياط.

وبعبارة أُخرى : في مورد الجهل البسيط الّذي كان يتردد ويشك في أنّه مستطيع أم لا ، إذا كان اعتماده على أصل شرعي يعذره عن ترك الواقع ما دام جاهلاً به ، إذا انكشف الخلاف وبان أنّه مستطيع تنجز عليه التكليف الواقعي كسائر موارد انكشاف الخلاف في الأحكام الظاهريّة. بخلاف ما لو كان جاهلاً بالجهل المركب وكان معتقداً للخلاف ، فإنّ التكليف الواقعي غير متوجّه إليه لعدم تمكّنه من الامتثال حتّى على نحو الاحتياط ، فإن من كان قاطعاً بالعدم لا يمكن توجّه التكليف إليه لعدم القدرة على الامتثال.

وما يقال من أنّ الأحكام مشتركة بين العالم والجاهل فإنّما هو في مورد الجهل البسيط الّذي يتمكّن من الامتثال في مورده لا الجهل المركّب والقطع بالخلاف الّذي لا يتمكّن من الامتثال أصلاً ، ففي هذه الصورة الحق مع المحقق القمي من عدم الوجوب لأنّه لجهله لم يكن مورداً للتكليف وبعد علمه لم يكن له مال ليحجّ به.

وكذلك الحال في موارد الغفلة فإنّها إن كانت الغفلة مستندة إلى تقصير منه كترك التعلّم عمداً فالظاهر استقرار وجوب الحجّ عليه ، فإنّ الغفلة لا تمنع عن الاستطاعة الواقعيّة ولا تنافي الوجوب الواقعي.

وأمّا إذا لم تكن ناشئة عن تقصير منه فالرفع في حقّه رفع واقعي والحكم غير ثابت في حقّه واقعاً فلا يستقر عليه الحجّ ، لعدم ثبوت التكليف في حقّه في فرض الغفلة ، وفي فرض الالتفات وإن أمكن تكليفه ولكن المفروض أنّه لا مال له بالفعل فلا موجب لوجوب الحجّ عليه.

(١) إجماعاً ونصوصاً ، منها : صحيحة العلاء عن محمّد بن مسلم ، على ما رواه

۵۵۴