أو لمرض آخر فليحلق رأسه قبل بلوغ الهدي محلِّه ، ولكن يكفّر بأحد الأُمور الثلاثة وهذه الكفّارة الخاصّة المخيرة لم تثبت في غير هذا المورد ، وتعميمه لكل مورد لا ينبغي صدوره من المحرم ، ضعيف جدّاً.
وأمّا ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار «في محرم كانت به قرحة فداواها بدهن بنفسج ، قال : إن كان فعله بجهالة فعليه طعام مسكين ، وإن كان تعمد فعليه دم شاة يهريقه» (١) والدلالة واضحة على ثبوت الكفّارة بالتفصيل المذكور.
ولكن الّذي يهوّن الخطب أن مدلول الرواية لم يكن منقولاً عن الإمام عليهالسلام بل الظاهر أن ذلك فتوى لمعاوية بن عمار ولم ينسبه إلى الإمام عليهالسلام فتكون الرواية مقطوعة لا مضمرة. ودعوى الجزم بأن معاوية بن عمار لا يفتي إلّا بما سمعه عن الإمام عليهالسلام ولا يخبر إلّا عنه ، عهدتها على مدعيها ، لاحتمال اجتهاده أو أنّه سمع ممن ينقل عن الإمام عليهالسلام ولم تثبت وثاقته عندنا ، وعمل المشهور لو قلنا بجبره للخبر الضعيف لا يفيد في المقام ، إذ لم يعلم أنّه رواية حتّى يجبرها عمل المشهور.
تنبيه : أن جملة من الأصحاب قد التزموا بالكفّارة بدم شاة في العامد ، استناداً إلى رواية معاوية بن عمار «وإن كان تعمد فعليه دم شاة يهريقه» (٢) ولم يلتزموا بالكفّارة بطعام مسكين في صورة الجهل ، إعراضاً عن جملة «وإن كان فعله بجهالة فعليه طعام مسكين» لاشتمالها على وجوب الكفّارة على الجاهل مع اتفاق الأصحاب والأخبار على أنّ الجاهل لا كفّارة عليه إلّا في الصيد خاصّة كما تقدّم ، فإنّ الرواية مشتملة على أمرين : الشاة على العامد ، وطعام مسكين على الجاهل ، ولم يقل أحد بالثاني.
ولا يخفى أن موضوع الرواية وموردها هو المعذور ومن يستعمل الدهن للعلاج والتداوي ، فإذن لا فرق بين العلم والجهل ، فانّ الادهان حينئذ جائز جزماً ، سواء قلنا بالكفّارة أم لا ، فليس في البين حكم تشريعي تحريمي حتّى يقال بأنّ المحرم قد
__________________
(١) الوسائل ١٣ : ١٥١ / أبواب بقية كفارات الإحرام ب ٤ ح ٥ ، التهذيب ٥ : ٣٠٤ / ١٠٣٨.
(٢) المتقدِّم مصدرها أعلاه.