الثانية : المذكور في الروايات حلق الرأس ونتف الإبط ، فلو عكس الأمر فهل تشمله الروايات الدالّة على الكفّارة؟ الظاهر أنّه لا خصوصية لذلك ، فإنّ العبرة بإزالة الشعر بأيّ وجه كانت حلقاً كانت أو نتفاً ، وإنّما ذكر الحلق للرأس والنتف للإبط للتعارف الخارجي ، فإنّ الغالب في إزالة شعر الرأس بالحلق.
الثالثة : لو نتف أو حلق الشعر من غير هذين الموضعين كما إذا أخذ الشعر من لحيته أو من سائر أعضائه مما ينبت فيه الشعر ، يجب عليه التصدق على المسكين ، وكذا لو أمرّ يده على رأسه أو لحيته فسقط منه الشعرة أو الشعرتان وكان متعمداً في الإمرار والمس ، وإن لم يكن متعمداً لإسقاط الشعر ، فالواجب عليه في جميع هذه الموارد هو التصدق على المسكين ، ويدلُّ على ذلك عدّة من الروايات ، ففي بعضها أنّه يطعم مسكيناً كما في صحيح الحلبي قال : «إن نتف المحرم من شعر لحيته وغيرها شيئاً فعليه أن يطعم مسكيناً في يده» (١). وفي بعضها «كفّاً من طعام أو كفّين» (٢) ومن المعلوم أنّ التخيير بين الزائد والناقص يقتضي حمل الزائد على الأفضلية ، وفي بعضها «يطعم شيئاً» (٣) وفي بعضها «فليتصدق بكف من طعام أو كف من سويق» (٤) ولا يخفى أنّ السويق قسم من أنواع الطعام فذكره من باب ذكر الخاص بعد العام ، وفي خبر الصدوق «بكف من كعك أو سويق» (٥) ولو صحّ خبر الصدوق فذكر الكعك من باب ذكر الخاص بعد العام : لكون الكعك نوعاً من الطعام ، وفي بعض الروايات يشتري بدرهم تمراً ويتصدق به ، فإن تمرة خير من شعرة (٦). والتمر داخل في عنوان الطعام ومن مصاديقه ، بل لو لم يكن خبر يدل على جواز التصدق به لكان جائزاً أيضاً لأنّه من أنواع الطعام ، وفي مرسلة الصدوق «مدّ من طعام أو كفّين» (٧).
وكيف كان ، من مسّ لحيته أو عضواً آخر من سائر بدنه وسقط منه الشعرة
__________________
(١) الوسائل ١٣ : ١٧٣ / أبواب بقية كفارات الإحرام ب ١٦ ح ٩.
(٢) الوسائل ١٣ : ١٧٠ / أبواب بقية كفارات الإحرام ب ١٦ ح ١.
(٣) ، (٤) ، (٥) ، (٦) ، (٧) الوسائل ١٣ : ١٧١ / أبواب بقية كفارات الإحرام ب ١٦ ح ٢ ، ٥ ، ٤ ، ٣. الفقيه ٢ : ٢٢٩ / ١٠٨٩ و ١٠٨٨.