زرارة الدالّين على الشاة في نتف إبط واحد حسب إطلاقهما ، وحيث لا يحتمل وجوب الشاة ووجوب الإطعام معاً فمقتضى القاعدة كما عرفت هو الجمع بينهما بالحمل على الوجوب التخييري بين الشاة والإطعام ، وبما أنّ الأمر دائر بين التعيين والتخيير فمقتضى الاحتياط هو التعيين بوجوب الشاة ، فالاكتفاء عنها بالإطعام مما لا وجه له وخلاف للاحتياط.
وقد يقال : إن صحيحتي زرارة واردتان في المتعمد ، وأمّا معتبرة عبد الله بن جبلة لم يؤخذ فيها المتعمد ، وقانون الإطلاق والتقييد يقتضي حمل خبر عبد الله بن جبلة على غير العامد ، فالنتيجة تعين الشاة على من نتف إبطاً واحداً متعمداً ، والإطعام على الجاهل والناسي.
وفيه : أنّ المتعمد وإن لم يذكر في خبر عبد الله بن جبلة ، ولكن حمله على غير المتعمد مناف للإطلاقات الكثيرة الدالّة على أنّه لا شيء على الجاهل والناسي ، فيقيد خبر عبد الله بن جبلة بغير الجاهل والناسي إذ لا شيء عليهما جزماً ، هذا أوّلاً.
وثانياً : أنّ المتعمد صرّح به في صحيحتي زرارة وكذا الجاهل والناسي ، فكيف يمكن حمل خبر عبد الله بن جبلة على الجاهل والناسي مع وقوع التصريح في الصحيحتين بان لا شيء على الجاهل والناسي ، فيكون خبر عبد الله بن جبلة معارضاً للصحيحين على كل حال.
فالصحيح ما ذكرناه من أنّ القاعدة تقتضي التخيير ، ولكن الشاة في نتف إبط واحد أحوط ، لأنّ الأمر دائر بين التعيين والتخيير والتعيين أحوط ، ولذا ذكرنا في المتن وجوب الشاة في نتف الإبطين على الجزم ووجوبها في نتف إبط واحد على الأحوط ، فتدبّر في المقام.
بقي الكلام في جهات :
الاولى : ثبوت الكفّارة بالشاة يتوقف على صدق عنوان حلق الرأس ونتف الإبط ، فلو حلق بعض رأسه أو نتف شيئاً من شعر إبطه لا تجب الكفّارة بالشاة ، لعدم صدق عنوان حلق الرأس أو نتف الإبط.