هو الحال في غير المقام ، فإنّه إذا دلّ دليل على وجوب شيء ودلّ دليل آخر على وجوب أمر آخر وعلمنا من الخارج بعدم وجوبهما معاً ، يحمل الوجوب في كل منهما على التخييري ، فمقتضى الصناعة والجمع بين خبر عبد الله بن جبلة وخبر زرارة هو وجوب الشاة في نتف إبط واحد وجوباً تخييرياً بينه وبين الإطعام.
هذا كلّه بناءً على ذكر الإبطين بالتثنية في صحيح حريز كما عن الشيخ (١) ، ولكن الصدوق رواه بعين السند عن حريز ، إلّا أنّه قال : «إبطه» بالإفراد (٢) ، فلا يعلم أن حريزاً روى لحماد بالتثنية أو بالأفراد ، فلا يمكن التمسُّك بمفهومه لنفي الشاة بنتف الإبط الواحد ، نعم لا إشكال في ثبوت الشاة لنتف الإبطين معاً ، سواء كان خبر حريز بلفظ التثنية أو الإفراد ، فنفي الشاة عن نتف إبط واحد غير ثابت ، فتبقى صحيحتا زرارة من غير تقييد ومقتضاهما وجوب الشاة لنتف إبط واحد ، لعدم ثبوت ذكر الإبطين بالتثنية في صحيح حريز ، ولعل نسخة الصدوق أصح ، فإنّ المعروف أنّه أضبط من الشيخ ، كما أنّ الشيخ روى في التهذيب عن الصادق عليهالسلام وفي الاستبصار عن الباقر (٣) عليهالسلام وهو سهو منه قدسسره والصحيح أنّه مروي عن الصادق عليهالسلام كما في الفقيه ، وعليه فلا موجب لرفع اليد عن إطلاق صحيحتي زرارة ، ومجرّد الغلبة الخارجية لنتف الإبطين إذا نتف الإبط لا يوجب الحمل على الإبطين ، فمقتضى خبري زرارة وجوب الشاة حتّى في نتف إبط واحد ، ولكن يقابلهما خبر عبد الله بن جبلة الدال على الإطعام في نتف إبط واحد ، فلو قلنا بانجبار خبر عبد الله بن جبلة بعمل المشهور ، أو اكتفينا في الوثاقة بوقوع الراوي في تفسير علي بن إبراهيم أو في إسناد كامل الزيارات فالخبر معتبر ، وإلّا فالرواية ساقطة فلا بدّ من الالتزام بوجوب الشاة لنتف الإبط الواحد ، ولكن قد التزمنا بصحّة خبر عبد الله ابن جبلة لوقوعه في إسناد كامل الزيارات ، فيكون معارضاً لخبري
__________________
(١) التهذيب ٥ : ٣٤٠ / ١١٧٧.
(٢) الفقيه ٢ : ٢٢٨ / ١٠٧٩.
(٣) الاستبصار ٢ : ١٩٩ / ٦٧٥.