الإمكان وأنّه أمر لا يتيسر وقد شاع استعمالها في الكتاب العزيز والسنة في عدم الإمكان كقوله تعالى ﴿لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ﴾ (١) ﴿وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً﴾ (٢) وعدم الإمكان في عالم التشريع مساوق للحرمة ، ولو فرضنا عدم دلالة ذلك على الحرمة فلا يدلّ على الجواز ، فلا موجب لرفع اليد عمّا دلّ على الحرمة.
وأمّا البق والبرغوث وأمثالهما ، فذهب جمع إلى جواز قتلهما. وذهب آخرون إلى التحريم ، ولعلّ وجهه أن غير خبر أبي الجارود مطلق يشمل القمّل وغيره كصحيح زرارة «ما لم يتعمّد قتل دابة» (٣) وصحيح معاوية بن عمار «اتق قتل الدواب كلّها» (٤) فمقتضى هاتين الصحيحتين حرمة قتل البق والبرغوث ، ولكن هنا روايات تدل على جواز قتلهما كمرسل زرارة «لا بأس بقتل البرغوث والقمّلة والبقة في الحرم» (٥) ولا يمكن الاعتماد عليه لضعفه بالإرسال ، مضافاً إلى أن موضوع الجواز فيه غير موضوع المنع ، لأن موضوع الجواز هو الحرم وكلامنا في المحرم ، ولذا ذكر في الخبر القمّل مع أن قتل القمّل للمحرم غير جائز.
وفي رواية أُخرى عن زرارة «عن المحرم يقتل البقة والبرغوث إذا رآه؟ قال : نعم» كما في الوسائل (٦) وفي الكافي «إذا أراده» (٧) وهو الصحيح ، ونظيره ما ورد في قتل الحية وبعض السباع ، فيكون الجواز مختصّاً بما إذا أراده البرغوث والبق فلا يدل على الجواز مطلقاً ، مضافاً إلى ضعف السند بسهل بن زياد.
__________________
(١) يس ٣٦ : ٤٠.
(٢) مريم ١٩ : ٩٢.
(٣) الوسائل ١٢ : ٥٣٤ / أبواب تروك الإحرام ب ٧٣ ح ٤.
(٤) الوسائل ١٢ : ٤٤٤ / أبواب تروك الإحرام ب ١٨ ح ٩.
(٥) الوسائل ١٢ : ٥٤٢ / أبواب تروك الإحرام ب ٧٩ ح ٢.
(٦) الوسائل ١٢ : ٥٤٢ / أبواب تروك الإحرام ب ٧٩ ح ٣.
(٧) الكافي ٤ : ٣٦٤ / ٦.