عود على بدء :
قد عرفت أن مقتضى إطلاق جملة من الروايات وكلمات الفقهاء قدسسرهم وجوب الإطعام على ستّين مسكيناً ، سواء وفت قيمة البدنة لذلك أم لا ، ومقتضى إطلاق جملة أُخرى وجوب صرف قيمة البدنة في الإطعام على ستّين مسكيناً إذا وفت القيمة وإلّا فيكتفى بالأقل ، وحيث إن قيمة البدنة تفي بالإطعام على الستّين قطعاً ودائماً ، لذا لم يتعرضوا للأقل واكتفوا بذكر الإطعام على ستّين مسكيناً ، ولكن بعض الروايات صريحة في الاعتبار بالقيمة والاجتزاء بالأقل من الستّين إذا كانت قيمة البدنة أقل من إطعام ستّين مسكيناً ، وعدم وجوب الزائد ، وهي رواية جميل (١) على ما رواه الصدوق عنه.
والرواية صحيحة عندنا ، فان طريق الصدوق إلى جميل بن دراج وجميل بن صالح وإن كان لم يذكر في المشيخة إلّا أنّه يظهر صحّة طريقه إليهما من طريق الشيخ إلى جميل بن دراج وإلى جميل بن صالح ومحمّد بن الحسن بن الوليد (٢).
فعليه لو فرضنا قيمة البدنة أقل من إطعام ستّين مسكيناً فلا بدّ من رفع اليد عن إطلاق روايات الإطعام على ستّين مسكيناً.
تكملة لما تقدّم من أحكام الصيد : وقع الكلام في مسألتين :
الاولى : في أنّ المحرم إذا صاد صيداً فهل يملكه أم لا؟.
الثانية : أنّ الإحرام هل يوجب خروج ما ملكه المحرم بالصيد قبل الإحرام فيما إذا كان صاده وصحبه في سفره؟ وأمّا إذا صاده في بلده وتركه عند أهله فهو خارج عن محل البحث ، ولا ريب في بقائه على ملكه قطعاً.
نسب إلى المشهور بل ادعي عليه الإجماع أنّه لا يملك ، بل يخرج عن ملكه بمجرّد
__________________
(١) الوسائل ١٣ : ١١ / أبواب كفارات الصيد ب ٢ ح ٩. الفقيه ٢ : ٢٣٢ / ١١١٠.
(٢) الفهرست : ٤٤.