الآية لا تدل على الترتيب ولكن الروايات المفسرة للآية الشريفة دلّت على الترتيب فهذه الكفّارة مرتّبة لا مخيّرة ببركة النصوص ، هذا كلّه مضافاً إلى ضعف رواية داود الرقي سنداً ، لأنّه لم تثبت وثاقته ، وقد ضعّفه النجاشي (١) ، فلا عبرة بتوثيق غيره له.
الرابعة : وقع الكلام في جنس الطعام وكمه ، أمّا من حيث الجنس ، ففي الشرائع عبّر بالبر (٢) ومقتضاه عدم إجزاء غيره ، إلّا أنّ العلّامة صرح باجزاء كل طعام (٣) كما في الآية الكريمة والروايات ، ولا يعرف انصراف الطعام إلى خصوص البر أو التبادر إليه.
نعم ، ورد كلمة البر في الفقه المنسوب إلى الرضا عليهالسلام (٤) وفي خبر الزهري (٥) الضعيف جدّاً ، فلا عبرة بهما.
وأمّا الكم ومقدار الصدقة ، فقد ذهب جماعة إلى لزوم التصدق بمدّين كما هو أحد الأقوال في كفّارة الإفطار العمدي. وذهب آخرون إلى الاكتفاء بمدّ واحد ، ومنشأ الاختلاف اختلاف الأخبار ، ففي صحيح معاوية بن عمار صرح بالمد (٦) ، وفي صحيح أبي عبيدة صرح بنصف الصاع (٧) وهو مقدار مدين إلّا أن ما دل على المدّين ظاهر في الوجوب ، وما دلّ على المدّ صريح في الاكتفاء به ، ويرفع اليد عن ظهور ذلك بصراحة الآخر وبحمل ما دلّ على المدّين على الاستحباب.
ولو وصل الأمر إلى الأصل العملي فالواجب أيضاً مدّ واحد ، لأنّه واجب قطعاً ونشك في الزائد ، والأصل عدمه.
__________________
(١) رجال النجاشي : ١٥٦.
(٢) الشرائع ١ : ٣٢٦.
(٣) لم نعثر عليه في كتبه بل هو صرح بالبر ، وأمّا في التذكرة ففي موضعٍ لم يتعرّض لخصوصية ٧ : ٤٦٢ وفي موضع آخر عبّر بالبر ٧ : ٤٠١.
(٤) فقه الرضا : ٢٠١.
(٥) الوسائل ١٠ : ٣٦٧ / أبواب بقيّة الصوم الواجب ب ١ ح ١.
(٦) الوسائل ١٣ : ١٣ / أبواب كفارات الصيد ب ٢ ح ١٣.
(٧) الوسائل ١٣ : ٨ / أبواب كفارات الصيد ب ٢ ح ١.