من الاقتصار على الناقة ، وإن قلنا بالبراءة مطلقاً فيجزئ الأعم ، فإن التكليف بالجامع وبالطبيعة المهملة معلوم ولكن لا يعلم أن الواجب مطلق أو مقيّد بالأُنثى وحيث إنّ الإطلاق واسع فلا معنى لجريان البراءة فيه فتجري في التقييد إذ فيه الكلفة والضيق.
الثالثة : قد عرفت أنّه إذا عجز عن البدنة يتعين عليه إطعام ستّين مسكيناً للنصوص ، وعمدتها صحيح علي بن جعفر (١) ومعاوية بن عمار (٢) وبإزائهما خبر داود الرقي قال : «إذا لم يجد بدنة فسبع شياه فان لم يقدر صام ثمانية عشر يوماً» (٣) ولكن لم ينسب القول بمضمونه إلى أحد من فقهائنا في مقام كفّارة الصيد.
نعم ، ذهب إليه بعضهم في مقام آخر غير الصيد ممّا يجب عليه البدنة ، فالرواية شاذة مخالفة للروايات المستفيضة فلا يمكن الحمل على التخيير ، لأنّ المفروض في كل من صحيح علي بن جعفر وخبر داود الرقي صيام ثمانية عشر يوماً إذا عجز عن إطعام ستّين مسكيناً أو عجز عن سبع شياه ، ولو كان وجوب سبع شياه عدلاً لإطعام ستّين مسكيناً كان اللّازم انتقال الأمر إلى أحدهما عند العجز عن الآخر لا الانتقال إلى الصيام رأساً ، فالروايتان صريحتان في الواجب التعييني ولا مجال لحملهما على التخييري ، فهما متنافيتان والترجيح للروايات المتقدِّمة كصحيح علي بن جعفر ، لشهرتها رواية وعملاً وشذوذ رواية داود الرقي.
على أنّ الروايات السابقة موافقة للكتاب ، ورواية داود الرقي مخالفة له ، إذ لم يذكر سبع شياه في الآية الكريمة (٤) والمذكور فيها وجوب الحيوان المشابه المماثل لما قتل من النعم أو إطعام ستّين مسكيناً أو صيام ثمانية عشر يوماً (٥) على التخيير ، غاية الأمر
__________________
(١) الوسائل ١٣ : ١٠ / أبواب كفارات الصيد ب ٢ ح ٦.
(٢) الوسائل ١٣ : ١٣ / أبواب كفارات الصيد ب ٢ ح ١٣.
(٣) الوسائل ١٣ : ٩ / أبواب كفارات الصيد ب ٢ ح ٤.
(٤) المائدة ٥ : ٩٥.
(٥) المذكور في القرآن هو الإطعام والصوم دون الستين وثمانية عشر.