وأمّا إذا قلنا بالإطلاق وخروج صيد البحري منه ، فيبقى صيد غير البحري تحت الإطلاق ، فإن قلنا بأصالة العدم الأزلي وكان الخاص أمراً وجوديّاً متّصلاً كان أو منفصلاً ، فالخارج صفة وجوديّة وهي كونه صيد البحري ، والباقي تحت عنوان العام معنون بعنوان عدمي أي عدم سلبي بمعنى كلّ ما ليس بصيد البحر ، فموضوع الحكم بالحرمة غير صيد البحر ، وموضوع الجواز صيد البحر ، وبالأصل العدم الأزلي نحرز الموضوع ونثبت أنّه غير صيد البحر.

هذا كلّه بناءً على ما هو التحقيق من صحّة جريان الأصل في الأعدام الأزليّة تبعاً للمحقق صاحب الكفاية (١).

أمّا لو قيل بعدم الصحّة كما عن شيخنا النائيني (٢) قدس‌سره فالحكم بالحرمة مبني على ما أسس من القاعدة ، والّتي هي أنّ الحكم الإلزامي لو خرج منه حكم ترخيصي معلق على أمر وجودي فلا بدّ من إحرازه حسب الفهم العرفي ، فالإحراز بالفهم العرفي دخيل في الحكم بالجواز ، ولا يترتب الحكم بالجواز ما لم يحرز الموضوع فإذا قال المولى لعبده : لا تدخل عليَّ أحداً إلّا أصدقائي لا يجوز له إدخال أحد على مولاه إلّا إذا أُحرز كونه صديقاً له ، وإلّا فلا يجوز ، ورتّب على ذلك فروعاً كثيرة في أبواب الفقه.

منها : ما لو شكّ في ماء كونه كرّاً أم لا ، فحكم بالنجاسة.

ومنها : لو شكّ في كون اليد يد ضمان أم لا ، فحكم بالضمان.

ومنها : ما لو شكّ في ماء أنّه غسالة الاستنجاء ، أو غسالة سائر النجاسات ، فقد حكم بالنجاسة أيضا.

وقد ذكرنا في محلِّه (٣) أنّه لا أساس لهذه القاعدة ، وإنّما يحرز الموضوع بأصالة العدم الأزلي.

__________________

(١) كفاية الأُصول : ٢٢٣.

(٢) أجود التقريرات ١ : ٤٦٤.

(٣) في المحاضرات في أُصول الفقه ٥ : ٢٠٩ وما بعدها.

۵۵۴