وقيل : بالحرمة كما في الجواهر (١) واحتاط شيخنا النائيني (٢).
أمّا الجواهر : فقد استند في الحكم بالحرمة إلى إطلاق ما دلّ على حرمة الصّيد ، فقد ذكر قدسسره أنّ المستفاد من غير الآية وبعض الرّوايات حرمة مطلق الصّيد والخارج منه خصوص صيد البحر ، فما لم يعلم كونه بحرياً أو برياً يحكم عليه بالحرمة للإطلاق.
ولا يخفى أنّ ما ذكره مبني على جواز التمسّك بالعام في الشبهة المصداقيّة وهو خلاف التحقيق ، وإنّما يتمسّك بالإطلاق أو العام فيما إذا شكّ في أصل وجود القيد وعدمه ، وأمّا إذا ورد القيد وشكّ في فرد أنّه من أفراد الخاص أو من أفراد العام الباقية تحت العام فلا يتمسّك بالعام ، لتسرية حكمه إلى الفرد المشكوك ، لعدم إحراز كونه من أفراد العام ، فيحتاج إلى أصل آخر يحرز به كونه فرداً باقياً تحت العام وتفصيل ذلك موكول إلى محلِّه.
بل يمكن أن يقال : إنّه لا إطلاق في البين ، بل الحكم من الأوّل مقيّد بالحيوان البرّي ، فليس في البين إلّا نوعان : نوع حكم عليه بالحرمة كصيد الحيوان البرِّي ونوع حكم عليه بالحلية كصيد الحيوان البحري ، فيكون الدليل منوّعاً لا مخصّصاً فليس هنا إطلاق وتقييد حتّى يتمسّك بالإطلاق ويقتصر في الخروج منه بالمتيقّن.
ويؤيّد ذلك : صدر الآية الكريمة ، لأنّ مقتضاه حلية البحري للمكلّفين حلالاً كانوا أو محرمين ومقتضى قوله تعالى ﴿وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً﴾ (٣) حرمة صيد الحيوان البرّي للمكلّفين ما داموا محرمين ، فإنّ المراد من «عليكم» نفس ما أُريد من الصدر ، فحينئذ لو شكّ في حيوان أنّه بري أو بحري فهو من الشكّ في الشبهة الموضوعيّة الّتي تجري فيها أصالة البراءة قطعاً حتّى عند الأخباري ، فيكون المقام نظير ما لو شكّ في مائع أنّه خمر أو خل.
__________________
(١) الجواهر ١٨ : ٢٩٥.
(٢) دليل الناسك (المتن) : ١٤٤.
(٣) المائدة ٥ : ٩٦.