ولا فرق في ذلك بين الحجّ الواجب والمندوب والعمرة المفردة (١).
والحاصل : ما دامت الرّوايات تدل على صحّة النذر ونفوذه كما هو المفروض وجب الوفاء به ، ولا موجب لتطبيق الحكم الشرعي على القاعدة من دون تخصيص.
وربما يشكل على الاكتفاء بالرّجحان الناشئ من قبل النذر باستلزام ذلك الدور لأنّ صحّة النذر متوقفة على مشروعيّة المنذور ورجحانه ، فلو كانت مشروعيّته متوقّفة على صحّة النذر لدار ، ولا يمكن العمل بالأخبار إذا استلزم أمراً غير معقول.
والجواب : أنّ صحّة النذر متوقفة على مشروعيّة المنذور ورجحانه ولكن مشروعيّة المنذور غير متوقّفة على صحّة النذر ، بل تتوقف على نفس النذر وعلى التزام المكلّف شيئاً على نفسه لله تعالى ، فإنّ هذا الالتزام بنفسه في مورد تجويز الأخبار يوجب رجحان العمل ، فاختلف الموقوف والموقوف عليه.
وأمّا قول ابن إدريس : ولو انعقد بالنذر كان ضرب المواقيت لغواً (١) ، فقد أجاب عنه في المنتهي بأنّ الفائدة غير منحصرة في ذلك بل هاهنا فوائد أُخرى :
منها : منع تجاوزها من غير إحرام. ومنها : وجوب الإحرام منها لأهلها لغير الناذر (٢).
ثمّ إنّه بعد الفراغ عن صحّة نذر الإحرام وانعقاده قبل الميقات فلا يجب عليه تجديد الإحرام في الميقات إن مرّ عليه ، كما يجوز له أن يسلك طريقاً لا يفضي إلى أحد المواقيت ، لأنّ الممنوع هو المرور بالميقات بلا إحرام وأمّا إذا كان محرماً بإحرام صحيح فلا موجب للإحرام ثانياً ، كما لا يجب عليه أن يذهب إلى الميقات ، لأنّ الذهاب إلى الميقات إنّما يجب لكي يحرم منه فإن كان محرماً فلا موجب للذهاب.
(١) لإطلاق الرّوايات الدالّة على انعقاد نذر الإحرام قيل الميقات.
__________________
(١) السرائر ١ : ٥٢٧.
(٢) المنتهي ٢ : ٦٦٩ السطر ٢٠.