ومنها : خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «سمعته يقول : لو أنّ عبداً أنعم الله عليه نعمة أو ابتلاه ببليّة فعافاه من تلك البليّة فجعل على نفسه أن يحرم بخراسان كان عليه أن يتم» (١).
وهنا إشكال معروف ، هو أنّ المعتبر في متعلق النذر أن يكون راجحاً في نفسه والمفروض أنّ الإحرام قبل الميقات غير مشروع وغير جائز فكيف ينعقد بالنذر ولذا ذكروا أنّ الرّوايات لا تنطبق على القاعدة المعروفة وهي اعتبار الرّجحان في متعلّق النذر.
والجواب عنه : أنّ اللّازم رجحان متعلّق النذر حين العمل وفي ظرفه ولو كان الرّجحان ناشئاً من قبل النذر ، ويستكشف ذلك من الأخبار الدالّة على صحّة النذر في مورد الإحرام قبل الميقات ، فلا يرد أنّ لازم ذلك صحّة نذر كل مكروه أو محرم لعدم الدليل على صحّة النذر في موردهما ، بل إطلاق دليل المكروه أو الحرام يكفي في عدم الرّجحان ولو بتعلّق النذر به.
ونظير المقام مسألة الصّوم في السفر المرجوح أو المحرم من حيث هو مع صحّته بالنذر ، وذلك لدلالة النص على صحّة النذر في هذه المسألة ، ولا داعي للالتزام بالرّجحان الذاتي الثابت للعمل مع قطع النظر عن تعلّق النذر به ، وذلك لأنّ القدر المتيقن ثبوت الرّجحان في الفعل بمقدار يصح إضافته إلى الله تعالى ، فيكفي في ذلك كون الفعل راجحاً في ظرفه ولو بسبب الأخبار.
على أنّ لزوم الرّجحان في متعلّق النذر حكم شرعي تعبّدي قابل للتخصيص وليس بحكم عقلي غير قابل للتخصيص ، فيقال إنّه يعتبر الرّجحان في متعلّق النذر إلّا في مورد نذر الإحرام قبل الميقات ، أو نذر الصّوم في السفر ، فيكتفى في موردهما بالرّجحان الناشئ من قبل النذر بسبب الأخبار الدالّة على الصحّة.
__________________
الخبر المذكور تعرضنا له ولجوابه في شرح العروة ٢٧ : ٣١٨. فليرجع إليه من أحبّ الوقوف عليه.
(١) الوسائل ١١ : ٣٢٧ / أبواب المواقيت ب ١٣ ح ٣.