ثمّ إنّ هنا رواية معتبرة ربما يستفاد منها جواز الإحرام بالحج من خارج مكّة وهي صحيحة إسحاق بن عمار قال «سألت أبا الحسن عليهالسلام عن المتمتع يجيء فيقضي متعته ثمّ تبدو له الحاجة فيخرج إلى المدينة وإلى ذات عرق أو إلى بعض المعادن ، قال : يرجع إلى مكّة بعمرة إن كان في غير الشهر الّذي تمتع فيه ، لأنّ لكل شهر عمرة وهو مرتهن بالحج ، قلت : فإنّه دخل في الشهر الّذي خرج فيه ، قال : كان أبي مجاوراً هاهنا فحرج يتلقى (ملتقياً) بعض هؤلاء ، فلمّا رجع فبلغ ذات عرق أحرم من ذات عرق بالحج ودخل وهو محرم بالحج» (١). ومحل الاستشهاد قوله «أحرم من ذات عرق بالحج».
والجواب عن ذلك : أنّ الرّواية مضطربة المتن لا يمكن الاعتماد عليها لعدم ارتباط الجواب بالسؤال ، لأنّ السائل سأل أوّلاً عن المتمتع إذا خرج من مكّة إلى المدينة أو إلى ذات عرق ، فأجاب عليهالسلام بأنّه يرجع إلى مكّة بعمرة إذا دخل في غير الشهر الّذي تمتع فيه ، فالسؤال والجواب ناظران إلى الفصل بين العمرتين ، وأنّ المعتبر لزوم العمرة ثانياً إذا كان الفصل بشهر ، ثمّ سأل السائل ثانياً بأنّه دخل في نفس الشهر الّذي خرج فيه ، فهل تلزمه العمرة مرّة ثانية؟ فأجاب عليهالسلام كان أبي مجاوراً هاهنا فخرج متلقياً وأحرم من ذات عرق بالحج ، فإنّ هذا الجواب لا يرتبط بالسؤال ، لأنّ السؤال كان عن العمرة ثانياً والجواب بأنّ أباه عليهالسلام دخل من ذات عرق محرماً بالحج لا يناسب السؤال.
وممّا يوجب اضطراب المتن وتشويشه ، أنّ أباه عليهالسلام إذا كان متمتعاً بالحج فكيف خرج قبل الحجّ ، وحمله على الاضطرار والحاجة لا شاهد عليه.
ثمّ إنّ الصادق عليهالسلام متى كان مجاوراً في مكّة وهل جاور مدّة سنتين أو أقل أو أكثر.
مضافاً إلى ذلك كلّه أنّ الرّواية مخالفة للمتسالم عليه بين الأصحاب ، فلا بدّ من ردّ
__________________
(١) الوسائل ١١ : ٣٠٣ / أبواب أقسام الحجّ ب ٢٢ ح ٨.