ابن الصباح له لأن نصر بنفسه لم يوثق. فالعمدة هي الصحيحة الأُولى.
وقد استدلّ للقول الثّاني ، وهو كون الحد الموجب للتمتع اثني عشر ميلاً من كل جانب بوجوه :
الأوّل : إطلاق ما دلّ على وجوب التمتّع على كل مكلّف ، كما جاء في صحيحة الحلبي «فليس لأحد إلّا أن يتمتع» (١) فإنّ القدر المتيقن الخارج من المطلقات من كان دون الحد المذكور ، فمن كان فوق الحد تشمله الإطلاقات.
والجواب : أنّ المطلقات ناظرة إلى حكم البعيد في قبال العامّة القائلين بجواز الإفراد أو القِران لكلّ أحد حتّى البعيد ، ولا نظر لها إلى وجوب المتعة على كل أحد.
مضافاً إلى أنّه يمكن تقييدها بما دلّ على التحديد بثمانية وأربعين ميلاً كصحيحة زرارة المتقدّمة ، فلا مجال للعمل بالمطلقات.
الثّاني : أنّ المستفاد من الآية الشريفة أنّ موضوع التمتّع غير الحاضر وموضوع الإفراد والقِران هو الحاضر ، وهو يقابل المسافر ، فالتمتع وظيفة من صدق عليه المسافر ، والإفراد وظيفة الحاضر ، فلا بدّ من ملاحظة حدّ السفر الموجب للقصر ، ومن المعلوم أنّ حدّ السفر أربعة فراسخ من كل جانب وهي اثنا عشر ميلاً.
وفيه : أنّ الحضور المذكور في الآية الشريفة لا يراد به الحضور المقابل للسفر ، بل المراد به بالنسبة إلى الحضور في مكّة والغياب عنها.
وبعبارة اخرى : المستفاد من الآية الشريفة وجوب التمتّع على من لم يكن ساكناً في مكّة ، ووجوب الإفراد والقِران على من كان ساكناً وكان أهله حاضري المسجد الحرام ، إلّا أنّ النصوص حددت البعد بثمانية وأربعين ميلاً وجعلت العبرة بذلك في وجوب التمتّع خاصّة ، وإذا كان البعد أقل ممّا ذكر فوظيفته الإفراد أو القِران.
الثّالث : أنّ عنوان الحضور المأخوذ في الآية الشريفة المعلّق عليه غير التمتّع
__________________
(١) الوسائل ١١ : ٢٢٣ / أبواب أقسام الحجّ ب ٣ ح ٢.