ومن مات بعد الإحرام مع عدم استقرار الحجّ عليه ، فإن كان موته بعد دخوله الحرم فلا إشكال في إجزائه عن حجّة الإسلام ، وأمّا إذا كان قبل ذلك فالظاهر وجوب القضاء عنه (١).


(١) اختلف الفقهاء ، في هذه المسألة إلى قولين :

أحدهما : إجراء التفصيل المذكور في مورد الاستقرار إلى مسألتنا هذه ، وهي ما لو مات مع عدم استقرار الحجّ عليه.

ثانيهما : اختصاص التفصيل المتقدّم بمن استقرّ عليه الحجّ ، بدعوى أنّه لا وجه لوجوب القضاء عمّن لم يستقر عليه الحجّ ، لأنّ موته يكشف عن عدم الاستطاعة الزمانيّة ، ولذا لا يجب إذا مات في البلد قبل الذهاب.

والصحيح هو الأوّل ، لإطلاق الأخبار في التفصيل المذكور ، حيث يستفاد من ذلك أن من لم يستقر عليه الحجّ إذا مات في عام الاستطاعة بعد الإحرام ودخول الحرم أجزأه عن حجّة الإسلام ولا يجب القضاء عنه ، وإذا مات قبل ذلك يقضى عنه.

ولا نرى مانعاً من الالتزام بوجوب القضاء عنه إن لم يستقر عليه الحجّ ، إلّا ما يقال من أنّ موته يكشف عن عدم الاستطاعة الزمانيّة ، نظير ما لو مات في بلده في عام الاستطاعة فلا موضوع لوجوب القضاء عنه.

ويرد عليه : أنّ الموت في عام الاستطاعة ولو في الطريق أو بعروض مانع آخر عن الإتيان بالحج وإن كان يكشف عن عدم ثبوت الاستطاعة واقعاً ، ولكن لا منافاة في وجوب القضاء عمّن مات في الطريق بعد التلبس بالإحرام وقبل الدخول في الحرم وإن لم يستقر عليه الحجّ ، فإنّ الأحكام الشرعيّة أحكام تعبديّة تابعة لما تقتضيه الأدلّة ، والمفروض أنّ إطلاق الأخبار لا قصور في شموله لمن لم يستقر عليه الحجّ ولعل ذكر الصرورة في صحيح بريد العجلي شاهد على ما ذكرنا ، لأن أكثر من يخرج إلى الحجّ لا سيما في الأزمنة السابقة هو ممّن حصلت له الاستطاعة في نفس السنة ، ولم يكن قد استقرّ عليه الحجّ في السنين السابقة ، فلا وجه لاختصاص الأخبار بمن استقرّ

۵۵۴