أن قال له : إن شئت فجهّز رجلاً ثمّ ابعثه يحجّ عنك» (١).
والجواب عن ذلك أمّا أوّلاً فبضعف الرّوايتين سنداً ، أمّا الأُولى فبسهل بن زياد وبجعفر بن محمّد الأشعري وهو ممّن لم يوثق ، ولم يثبت كونه جعفر بن محمّد بن عبد الله الّذي هو من رجال كامل الزيارات. وأمّا الثّانية : فبسلمة أبي حفص.
وأمّا ثانياً : فإنّ المعلّق على المشيئة تفريغ الذمّة وخلاص المكلّف ممّا وجب عليه يعني إذا أردت خلاص نفسك من هذا الواجب والتكليف فافعل كذا ، وليس المعلّق الحكم بوجوب الاستنابة حتّى يقال بأنّه لا معنى لتعليقه.
المورد الثّاني : أنّ من كان موسراً ومستطيعاً من حيث المال في هذه السنة ، ولكن لا يتمكّن من المباشرة لعروض مانع من الموانع كمرض أو حصر أو نحوهما ، فالمشهور أيضاً وجوب الاستنابة. وعن جماعة كابني إدريس وسعيد والعلّامة في بعض كتبه (٢) عدمه.
والصحيح ما نسب إلى المشهور ، فإنّ مورد بعض الرّوايات وإن كان من استقرّ عليه الحجّ كالروايتين الواردتين في الشيخ الكبير الّذي لم يحجّ قط ، ولكن صحيح الحلبي مطلق يشمل حتّى من استطاع في هذا العام ولم يتمكّن من المباشرة ، فإنّ قوله : «وإن كان موسراً وحال بينه وبين الحجّ مرض» يعم من استطاع في هذه السنة ، لصدق كونه موسراً أو حال بينه وبين الحجّ مرض أو نحوه.
فتحصل : أنّ المستفاد من الرّوايات المتقدّمة أنّ الاستنابة واجبة على من تعذّر من مباشرة الحجّ وكان مستطيعاً ، سواء كان مستطيعاً سابقاً واستقرّ عليه الحجّ ، أو استطاع في هذا العام ولم يتمكّن من المباشرة.
ثمّ إنّ المشهور بين الفقهاء اختصاص وجوب الاستنابة بصورة اليأس من زوال العذر كما في المتن ، ولا يخفى أنّ الأخبار الواردة في المقام لم يذكر فيها اليأس من زوال
__________________
(١) الوسائل ١١ : ٦٤ / أبواب وجوب الحجّ ب ٢٤ ح ٣.
(٢) السرائر ١ : ٥١٦ ، الجامع للشرائع : ١٧٣ ، المختلف ٤ : ٣٩.