عنه» (١).
ومنها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام في حديث قال : «وإن كان موسراً وحال بينه وبين الحجّ مرض أو حصر أو أمر يعذره الله فيه ، فإنّ عليه أن يحجّ عنه من ماله صرورة لا مال له» (٢).
وربما يناقش في دلالة الأخبار على الوجوب لوجهين :
الأوّل : أنّه لا بدّ من رفع اليد عن ظهور الأخبار في الوجوب وحملها على الاستحباب ، لاشتمالها على أُمور لم يلتزم بها الفقهاء ككون النائب رجلاً صرورة فإنّه لا إشكال في جواز نيابة المرأة عن الرّجل ، وكذلك لم يلتزموا بنيابة الصرورة فيكون ذلك قرينة على حمل الأخبار على الاستحباب.
وفيه أوّلاً : أنّه لو سلمنا عدم التزام المشهور بمضامين الرّوايات فاللّازم إلغاء القيد خاصّة والالتزام بأصل وجوب الاستنابة ، ولا مانع من التفكيك بين القيد والمقيّد.
وثانياً : لا نرى مانعاً من الالتزام بالقيد وكون النائب عن الحي رجلاً صرورة ، وأمّا ما اشتهر من جواز كون النائب امرأة وغير صرورة فإنّما هو في النيابة عن الميّت. وكيف كان لا إشكال في أنّ الأحوط وجوباً لو لم يكن أقوى استنابة الرّجل الصرورة إذا كان المنوب عنه رجلاً حيّاً ، عملاً بظاهر هذه الأخبار.
الثّاني : أنّه يستفاد من بعض الرّوايات الحاكية لحكم أمير المؤمنين عليهالسلام استحباب النيابة في مفروض كلامنا لتعليقها على مشيئة الرّجل واختياره ، إذ لا معنى لتعليق الحكم الوجوبي على اختيار المكلّف ومشيئته ، والظاهر أنّ الرّوايات المتقدّمة وهذه الرّواية حكاية لواقعة واحدة فلا مجال للقول بالوجوب ، ففي خبر عبد الله بن ميمون أنّ عليّاً عليهالسلام قال لرجل كبير لم يحجّ قط «إن شئت أن تجهّز رجلاً ثمّ ابعثه يحجّ عنك» (٣) ، وفي خبر سلمة أبي حفص «إنّ رجلاً أتى عليّاً عليهالسلام إلى
__________________
(١) الوسائل ١١ : ٦٣ / أبواب وجوب الحجّ ب ٢٤ ح ١.
(٢) الوسائل ١١ : ٦٣ / أبواب وجوب الحجّ ب ٢٤ ح ٢.
(٣) الوسائل ١١ : ٦٥ / أبواب وجوب الحجّ ب ٢٤ ح ٨.