وإذا رجع الباذل في أثناء الطريق وجبت عليه نفقة العود (١).
جواز رجوع الباذل شيء آخر.
وبما ذكرنا يظهر أنّه لا مجال للتمسّك بقاعدة الغرور لعدم جواز رجوع الباذل عن بذله ، لأنّ أقصى ما تدل عليه قاعدة الغرور إنّما هو ضمان الغار لمصاريف العمل الّذي وقع بأمره ، فيجوز للمغرور الرّجوع إلى الغار فيما يصرفه في سبيل العمل الواقع حسب أمره وإذنه ، ولا يثبت بها عدم جواز رجوع الباذل عن بذله ، فيمكن له الرّجوع إلى شخص ماله ولكن يضمن ما يصرفه المبذول له ، فلا منافاة بين ثبوت الضمان على الباذل وجواز رجوعه عن بذله. هذا مضافاً إلى أنّ قاعدة الغرور لم تثبت على الإطلاق ، وإنّما وردت في موارد خاصّة ، ولا دليل عليها سوى النّبوي المرسل في الكتب الفقهيّة.
نعم ، وردت في باب تدليس المرأة رواية فيها لفظ الغرور «وعلى الّذي زوّجه قيمة ثمن الولد يعطيه موالي الوليدة كما غرّ الرّجل وخدعه» (١) والرّواية ضعيفة بمحمّد بن سنان.
على أنّ الغرور في المقام غير صادق ، لأنّه يتوقّف على علم الغار وجهل المغرور وكون الغار قاصداً لإيقاع المغرور في خلاف الواقع ، وأمّا ما نحن فيه فالباذل لم يكن عالماً بالرّجوع عن البذل من باب الاتّفاق ، لعدم وفاء ماله بالبذل أو لأغراض وجهات أُخر.
فظهر أنّ مقتضى القواعد جواز الرّجوع إلى ماله ، ولكن يضمن ما يصرفه المبذول له في سبيل إتمام العمل للسيرة العقلائيّة.
(١) لأنّ السفر وقع بإذنه وأمره ، والإذن في الشيء إذن في لوازمه حسب السيرة العقلائيّة كما قلناه.
__________________
(١) الوسائل ٢١ : ٢٢٠ / أبواب العيوب من كتاب النّكاح ب ٧ ح ١.