لكن إذا رجع بعد الدخول في الإحرام وجب على المبذول له إتمام الحجّ إذا كان مستطيعاً فعلاً (١) وعلى الباذل ضمان ما صرفه للإتمام (٢).
وهو ممنوع لأنّ الاستطاعة شرط في وجوب الحجّ حدوثاً وبقاءً ، فإذا ارتفعت الاستطاعة بعد الإحرام كما إذا فقد ماله أو رجع الباذل عن إذنه وامتنع من الإنفاق انكشف أنّه غير مستطيع من أوّل الأمر فلا يجب عليه الحجّ ، وإذا لم يكن واجباً عليه لا يجب عليه الإتمام ، والمفروض أنّه لم يأت به ندباً حتّى يتمّه ، وإنّما دخل في الإحرام بعنوان أنّه مستطيع وبعنوان حجّة الإسلام ، ثمّ انكشف أنّه لم يكن ثابتاً عليه ، وأمّا إتمام العمل لا بعنوان حجّ الإسلام فأمر يحتاج إلى دليل وهو مفقود ، فله رفع اليد عن إحرامه والرّجوع إلى بلاده.
وثانياً : لو فرضنا وجوب الإتمام على المبذول له فإنّما هو وجوب مخاطب به نفس المبذول له ، وذلك لا يرتبط بالباذل ولا يوجب استمرار البذل على الباذل وصرف المال من كيسه على ذلك الرّجل بعد أن رجع عن إذنه ، فالصحيح جواز الرّجوع للباذل عن بذله قبل الإحرام وبعده.
وأمّا تنظير المقام بباب الإذن في الصّلاة ، ففيه : أنّ الكلام في المقيس عليه ، لأنّ عدم جواز رجوع المالك عن إذنه في الصّلاة يتوقّف على وجوب إتمامها وحرمة قطعها على الإطلاق وهو أوّل الكلام ، إذ لا دليل على حرمة قطع الصلاة سوى الإجماع والقدر المتيقّن منه غير هذا المورد ، فحينئذ إذا رجع المالك عن إذنه كان بقاء الرّجل ومكثه في الدار غصباً ومعه تبطل الصلاة.
(١) لحصول الاستطاعة الملفّقة من البذلية والملكية ، وقد عرفت الاكتفاء بذلك في ثبوت الوجوب.
(٢) لأنّ الإذن في الإحرام إذن في الإتمام ، فإنّ الإذن في الشيء إذن في لوازمه لقيام السيرة العقلائيّة على أنّ كلّ عمل يقع بأمر الغير وإذنه يقع مضموناً عليه ، ولكن ثبوت الضمان عليه لا ينافي جواز رجوع الباذل عن بذله ، فإنّ ضمان العمل شيء وعدم