مكّة ومنى غير جائز إجماعاً ونصوصاً ، فلا بدّ من طرح ما دلّ بإطلاقه على التأخير لمخالفته للكتاب والسنّة.
وأمّا التقديم فعن الأردبيلي قدسسره الجواز ، لظاهر بعض النصوص ، وإن كان الأفضل التأخير إلى مكّة ومنى في كفّارة الصيد ، وأمّا في غير كفّارة الصيد فلا يبعد الأفضلية في مكان الإصابة للمسارعة إلى الخيرات ولئلّا يمنع عنه مانع كالموت وغيره.
وقد استدلّ له بعدّة روايات :
منها : مقطوعة معاوية بن عمار «قال : يفدي المحرم فداء الصيد من حيث أصابه» (١).
وهذه الرواية مخدوشة سنداً ، لأنّها مقطوعة ولا يعلم أن معاوية بن عمار يروي عن الإمام أو ينقل فتوى نفسه. ودلالة لأنّ الفداء ليس ملازماً للذبح ، والمراد بالفداء هنا البدل ، فالمعنى أنّه يجب عليه البدل في ذلك المكان وأنّه يشتري البدل في موضع الإصابة وذلك بقرينة معتبرة زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام أنّه قال : «في المحرم إذا أصاب صيداً فوجب عليه الفداء فعليه أن ينحره إن كان في الحجّ بمنى حيث ينحر الناس ، وإن كانت عمرة ينحره بمكّة ، وإن شاء تركه إلى أن يقدم مكّة ويشتريه فإنّه يجزي عنه» (٢) فان قوله : «وإن شاء تركه» ظاهر الدلالة على أنّه يشتري الفداء في مكان الإصابة ، وأنّه يجوز له تأخير الشراء إلى مكّة ، فقوله «وإن شاء تركه» أي لا يشتري ويشتري بمكّة ، فلا دلالة في الرواية على الذبح في موضع إصابة الصيد كذا حمله الشيخ في التهذيب (٣).
ومنها : صحيحة أبي عبيدة ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «إذا أصاب
__________________
(١) الوسائل ١٣ : ٩٨ / أبواب كفارات الصيد ب ٥١ ح ١.
(٢) الوسائل ١٣ : ٩٨ / أبواب كفارات الصيد ب ٥١ ح ٢.
(٣) التهذيب ٥ : ٣٧٣ / ١٣٠٠.