لم يذكر لأبي بصير تارة قيمة مد وأُخرى يذكر له مد من طعام ، فالرواية واحدة جزماً فأبو بصير إمّا روى «قيمة مد من طعام» أو روى «مد من طعام» فأحدهما اشتباه ، ولا ريب أنّ الترجيح مع الفقيه بوجهين :

الأوّل : أنّ الصدوق أضبط من الشيخ كما يظهر ذلك بوضوح لمن يراجع كتاب التهذيب والاستبصار قال في الحدائق : لا يخفى على من راجع التهذيب وتدبّر أخباره ما وقع للشيخ قدس‌سره من التحريف والتصحيف في الأخبار سنداً ومتناً وقلّ ما يخلو حديث من أحاديثه من علة في سند أو متن (١) وما ذكره لا يخلو من إغراق ومبالغة ، إلّا أنّ القدر المسلم أنّ الشيخ أكثر اشتباهاً من الصدوق.

ويؤيّد ما ذكرنا أنّ الشيخ استدلّ لما ذكره المفيد في المقنعة برواية أبي بصير ، والمذكور في المقنعة «مد من الطعام» (٢) فذكر القيمة في رواية أبي بصير لا بدّ أن يكون اشتباهاً ، وإلّا لا يصلح خبر أبي بصير دليلاً لما ذكره المفيد في المقنعة ، فالمعتمد إنّما هو رواية الفقيه.

الثاني : أن قيمة مد من طعام لا يمكن أن تكون كفّارة ، لاستحالة التخيير بين الأقل والأكثر ، فانّ الطعام اسم للحنطة والشعير والتمر والأرز ونحوها ، وقيمة هذه الأُمور مختلفة فكيف يمكن جعل قيمة هذه الأُمور ملاكاً للواجب ، فالأقل مما يصدق عليه قيمة الطعام يكون مصداقاً للواجب.

ثمّ إنّه يظهر من الجواهر (٣) أن نسخة الفقيه أيضاً مختلفة ولكن الاختلاف إنّما هو بين الفقيه والتهذيب.

__________________

(١) الحدائق ٣ : ١٥٦.

(٢) المقنعة : ٤٣٤.

(٣) الجواهر ٢٠ : ٣٩٩.

۵۵۴