التظليل من روايات جواز التظليل للشيخ والمريض ، فانّ الشيخ لا ريب أن عذره مستمر وكذلك المريض الّذي سئل عنه في الروايات ، ولا ريب أن تظليلهم كان يتعدد ويتكرر في يوم واحد ومع ذلك لم يحكموا عليهمالسلام عليهم بتعدد الكفّارة. مع أنّهم عليهمالسلام في مقام بيان وظيفتهم ، وإنّما أطلقوا لهم الكفّارة ، ولو كانت تتعدّد بتكرّر التظليل للزم البيان والتنبيه عليه ، ولا فرق قطعاً بين الشيخ والمريض وغيرهما ممّن يتظلّل متكرّراً.
على أنّه يكفينا معتبرة ابن راشد قال : «قلت له عليهالسلام : جعلت فداك إنّه يشتد علي كشف الظلال في الإحرام ، لأنّي محرور يشتد عليّ حر الشمس ، فقال : ظلل وارق دماً ، فقلت له : دماً أو دمين؟ قال : للعمرة؟ قلت : إنّا نحرم بالعمرة وندخل مكّة ونحرم بالحج ، قال : فارق دمين» (١) فإنّها صريحة بتعدد الكفّارة بتعدد الإحرامين ، إحداها لإحرام العمرة والأُخرى لإحرام الحجّ ، ويستفاد منها وحدة الكفّارة مع تكرّر التظليل إذا كان في إحرام واحد.
ولا وجه لمناقشة السند لوقوع محمّد بن عيسى بن عبيد اليقطيني فيه فإنّه ثقة جليل كما وثقه النجاشي (٢) وغيره ، ولا يعارض ذلك تضعيف الشيخ (٣) إيّاه ، فإن تضعيفه مبني على استثناء ابن الوليد والصدوق رواياته عن خصوص يونس بطريق منقطع أو ما ينفرد بروايته عنه في كتاب نوادر الحكمة ، فتخيل الشيخ أن استثناءهما لرواياته عن يونس ناشئ من تضعيفهما له ، مع أنّه لم يظهر لا من ابن الوليد ولا من الصدوق تضعيف محمّد بن عيسى نفسه ولم يناقشا فيه. والّذي يكشف عن ذلك أنّ الصدوق تبع شيخه في الاستثناء المزبور فلم يرو في الفقيه ولا رواية واحدة عن محمّد ابن عيسى عن يونس ، ولكن قد روى عنه عن غير يونس في نفس كتاب الفقيه في المشيخة في نيف وثلاثين مورداً ، ولو كان محمّد بن عيسى بنفسه ضعيفاً لما روى عنه
__________________
(١) الوسائل ١٣ : ١٥٦ / أبواب بقية الكفّارات ب ٧ ح ١.
(٢) رجال النجاشي : ٣٣٣.
(٣) الفهرست : ١٤٠ [٨٩٦].