ومثل ذلك ما إذا حدث عليه دين قهري ، كما إذا أتلف مال غيره خطأ ولم يمكنه أداء بدله إذا صرف ما عنده في سبيل الحجّ (١) نعم ، الإتلاف العمدي لا يسقط وجوب الحجّ (٢) بل يبقى الحجّ في ذمّته مستقرّاً فيجب عليه أداؤه ولو متسكعاً هذا كلّه في تلف الزاد والرّاحلة ، وأمّا تلف ما به الكفاية من ماله في بلده فهو لا يكشف عن عدم الاستطاعة من أوّل الأمر بل يجتزي حينئذ بحجّه ولا يجب عليه الحجّ بعد ذلك (٣).
(١) قد سبق (١) أن ذكرنا أنّ الدّين في نفسه لا يمنع عن وجوب الحجّ ، وإنّما يمنع عنه إذا كان حالاً ومطالباً به ، وهذا من دون فرق بين كون سبب الدّين الاستقراض ونحوه أو إتلاف مال الغير خطأ.
(٢) فإنّ الإتلاف العمدي كإتلاف نفس الزاد والرّاحلة اختياراً بعد حصولهما ووجودهما ، فإنّ ذلك لا يمنع عن استقرار الحجّ في ذمّته لفعليّته عليه بعد استكمال شرائطه ، فيجب عليه التحفّظ على الاستطاعة فلو أزالها اختياراً يستقر عليه الحجّ وصار ديناً عليه ووجب الإتيان به بأيّ وجه تمكّن.
(٣) يعني إذا تلف بعد تمام الأعمال ما به الكفاية من ماله في وطنه يجتزئ بحجّه ولا أثر لتلف ما به الكفاية ، وذلك لأنّا إنّما اعتبرنا الرّجوع إلى الكفاية لنفي الحرج وهو امتناني فلا يجري بعد الإتيان بالأعمال ، لأن لازمه الحكم بالفساد وعدم الاجتزاء بما أتى به ولا امتنان في ذلك فلا مانع من الحكم بالصحّة ، نظير من اغتسل أو توضأ ثمّ علم بأنّ وضوءه أو غسله كان حرجيّا ، فإنّه لا يحكم بالفساد لأنّه على خلاف الامتنان ، ونفي الحرج إنّما يجري في موارد الامتنان.
__________________
(١) في المسألة ٣٤.