الثالثة : هل يعم المنع بعض الوجه أم يختص بتمام الوجه؟ أمّا طرف الأنف الأسفل أي مارن الأنف إلى الذقن فستره ممنوع جزماً ، لأن هذا من النقاب المنهي في الروايات. وأمّا ستر غير ذلك فلا يمكن إثبات منعه بدليل ، ولا يقاس بستر بعض الرأس للرجل ، لما عرفت أن منعه علم من دليل خاص ، وإلّا فالاطلاقات قاصرة عن شمول بعض الرأس ولا دليل خاص في المقام ، ولكن الاحتياط في محلِّه ، لاحتمال أن إحرام الوجه بالنسبة إلى تمام الوجه.
وربما يستفاد من بعض الروايات جواز ذلك كما في صحيحة الحلبي الحاكية لمرور أبي جعفر عليهالسلام بالمرأة المتنقبة وأمرها برفع النقاب ، فسأله سائل إلى أين ترخيه؟ قال : تغطي عينها (١).
ولعلّ المستفاد من ذلك جواز ستر الطرف الأعلى للوجه وسيأتي (٢) الكلام حول هذه الرواية إن شاء الله تعالى.
فحاصل ما تقدّم : أنّ المستفاد من بعض التعليلات الواردة في النصوص وفعل الباقر عليهالسلام من إماطة المروحة عن وجه المرأة ، أن حرمة التغطية لا تختص بالثوب فهي حرام على الإطلاق كما في ستر رأس الرجل ، وأمّا ستر بعض الوجه وإن كان القول بحرمته مطابقاً للاحتياط ولكن لا يمكن إثباته بدليل ، وإنّما قلنا بحرمة ستر بعض الرأس للرجل بدليل آخر كنهيه عن إصابة الساتر برأسه ، وأمّا المطلقات المانعة فلا تكفي في المنع عن ذلك ، ولم يرد دليل بالخصوص في ستر بعض الوجه ، فلا مانع لها من ستر بعض وجهها لعدم كونه منافياً لكشف الوجه المعتبر في المرأة.
الرابعة : يجوز ستر وجهها عند النوم لصحيح زرارة «والمرأة المحرمة لا بأس بأن تغطي وجهها كلّه عند النوم» (٣) ولا موجب لرفع اليد عنه كما عن جماعة منهم شيخنا الأُستاذ في مناسكه (٤).
__________________
(١) الوسائل ١٢ : ٤٩٤ / أبواب تروك الإحرام ب ٤٨ ح ٣.
(٢) في ص ٤٨٨.
(٣) الوسائل ١٢ : ٥١٠ / أبواب تروك الإحرام ب ٥٩ ح ١.
(٤) دليل الناسك (المتن) : ١٦٧.