بل يستفاد من بعض النصوص عدم جواز ستر بعض الرأس ، وعدم اختصاص الحرمة بتغطية تمام الرأس كما في صحيح عبد الله بن سنان قال : «سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول لأبي وشكى إليه حر الشمس وهو محرم وهو يتأذى به ، فقال : ترى أن أستتر بطرف ثوبي؟ قال : لا بأس بذلك ما لم يصبك رأسك» (١) فإن أصابه طرف من الثوب تصدق بتغطية بعض الرأس.
ثمّ إنّ المراد بالرأس في المقام منبت الشعر مقابل وجه المرأة ، فإنّ الوجه وإن كان من الرأس في بعض الإطلاقات والاستعمالات ولكن المراد به هنا منبت الشعر بقرينة مقابلته لوجه المرأة في النصوص.
ولا فرق في تغطية تمام الرأس أو بعضه بين جميع أفرادها من الثوب والطين ونحوهما مما يغطي الرأس ، كما لا يجوز للمرأة ستر وجهها بأيّ نحو كان ، فلا خصوصية لنوع الساتر ، والسؤال في بعض الأخبار وإن كان عن الستر بالثوب ، ولكن العبرة بإطلاق الجواب والمنع عن مطلق الستر فلا خصوصية للثوب.
وهل يعم الحكم ما يحمل على رأسه شيئاً كالطبق والحنطة أو الفراش أو الكتاب ونحو ذلك أم لا؟
المعروف بينهم هو التعميم ، بل لا خلاف بينهم في عدم جواز التغطية بنحو ذلك.
ولكن للمناقشة فيه مجال ، فان حمل الشيء على رأسه إذا كان ساتراً لجميع رأسه وتمامه كحمل الحشيش ونحوه فلا كلام في المنع ، لشمول الإطلاقات المانعة لذلك ، فإنّ الرأس يغطى ولو بحمل شيء على رأسه ، وقد عرفت أنّه لا خصوصية لنوع من أنواع الساتر ، وأمّا إذا كان الحمل موجباً لتغطية بعض الرأس كحمل الطبق والكتاب ونحوهما فلا دليل على المنع ، فانّ الحكم بالمنع وإن كان مشهوراً ولكن لا يبلغ حدّ الإجماع القطعي ، وما دلّ على المنع من إصابة بعض الرأس إنّما يدل فيما إذا كان الستر ولو ببعض الرأس مقصوداً ، وأمّا إذا لم يكن قاصداً لستر الرأس بل كان قاصداً لأمر آخر وذاك يستلزم الستر لم يكن مشمولاً للنص الدال على منع ستر البعض ، نظير
__________________
(١) الوسائل ١٢ : ٥٢٥ / أبواب تروك الإحرام ب ٦٧ ح ٤.