والجواب : أمّا عن صحيح معاوية بن عمار ، أن هذه الجملة «واعلم أنّ الرجل إذا حلف ...» وإن ذكرها مستقلا ولكن ذكر في الصدر «والجدال قول الرجل لا والله ، وبلى والله» فيعلم أنّ الحكم المذكور بعد ذلك مترتب على هذا القول وليس مترتباً على مطلق الحلف.
وبتقريب آخر : ليست الرواية في مقام بيان الجدال وتفسيره ، بل في مقام بيان التفصيل بين اليمين الصادقة والكاذبة ، وأن أيّاً منهما يوجب الكفّارة ، وبذلك يظهر الجواب عن رواية أبي بصير فإنّها في مقام بيان التفصيل بين الحلف الكاذب والصادق وثبوت الكفّارة في الحلف الكاذب وإن كان واحداً ، وثبوتها في الحلف الصادق إذا كان ثلاثة أيمان ، وليست في مقام بيان أن مطلق الحلف يوجب الكفّارة ، فلا إطلاق لها من هذه الجهة.
على أنّه لو سلمنا الإطلاق وشموله لكل حلف ، يقع التعارض بين هذه المطلقات وبين صحيحة معاوية بن عمار الحاصرة بالقول المخصوص «إنّما الجدال قول الرجل : لا والله ، وبلى والله» (١) فإنّها بمفهوم الحصر تدل على عدم حرمة غير هذا القول الخاص ، والتعارض بالعموم من وجه ، لأن صحيحة معاوية بن عمار الحاصرة تدل على أن غير قوله : «لا والله ، وبلى والله» لا أثر له ، سواء كان حلفاً بالله بغير هذا القول أو كان حلفاً بغير الله كقوله : لعمرك ، وتلك الروايات المطلقة تدل على أنّ الممنوع هو الحلف بالله سواء كان بقوله : لا والله ، وبلى والله أو بغير هذا القول ، فيقع التعارض في الحلف بالله بغير هذا القول الخاص ، وبعد التعارض يرجع إلى أصل البراءة.
الجهة الثالثة : هل الحكم مختص بالجملة الخبرية ، أو يعم الجملة الإنشائية؟
لم أر من تعرض لذلك ، والّذي يظهر من الروايات الواردة في المقام عدم شمول الحكم للحلف في الجملة الإنشائية ، إذ يظهر من صحيحة معاوية بن عمار ونحوها الواردة في التفصيل بين الحلف الصادق والكاذب ، أنّ الحلف الممنوع يجري في مورد
__________________
(١) الوسائل ١٢ : ٤٦٥ / أبواب تروك الإحرام ب ٣٢ ح ٣.