قوله : «فمن ابتلي بشيء من ذلك فليعد غسله ، وليتصدّق بقدر ما صنع» أنّه إنّما ارتكب ذلك نسياناً لا متعمداً ، لأنّ المتحصل من قوله : «ومن ابتلي» هو النسيان ، إذن المتعمد لا يطلق عليه أنّه ابتلي بشيء ، فيحمل الأمر بالتصدق على الاستحباب فانّ الجاهل أو الناسي ليس عليهما شيء ، على أن قوله : «فليعد غسله» مشعر بالاستحباب فان نفس غسل الإحرام مستحب في نفسه ، وكذا إعادته بعد ارتكاب المحرمات.
مضافاً إلى أنّ الترخيص اختياراً لبقية العطور غير الأربعة يلازم عدم وجوب الكفّارة عرفاً.
وبما ذكرنا يظهر الجواب عن خبر حريز الوارد في الريحان ، لظهور قوله : «فمن ابتلي بذلك فليتصدق بقدر ما صنع بقدر شبعه» (١) في صورة الجهل أو النسيان ، فانّ الابتلاء بشيء إنّما يصح إطلاقه في موارد الجهل والنسيان كما ذكرنا ، فيحمل الأمر بالتصدّق على الاستحباب ، لما دلّ بالأدلّة العامة والخاصّة على عدم ثبوت شيء في مورد الجهل ، مضافاً إلى ما عرفت من ضعف السند.
ومنها : معتبرة الحسن بن زياد العطّار عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «قلت له : الأشنان فيه الطيب اغسل به يدي وأنا محرم؟ فقال : إذا أردتم الإحرام فانظروا مزاودكم فاعزلوا الّذي لا تحتاجون إليه ، وقال تصدق بشيء كفّارة للأشنان الّذي غسلت به يديك» (٢) والرواية معتبرة على مسلكنا ورجالها ثقات ، حتّى معلى بن محمّد فإنّه من رجال كامل الزيارات ، والظاهر أنّها واردة في مورد الجهل أو النسيان ، فانّ الجهل أو النسيان وإن لم يصرح به في الرواية لا في السؤال ولا في الجواب ولكن يدل عليه قوله : «فانظروا مزاودكم فاعزلوا الّذي لا تحتاجون إليه» فإنّه ظاهر في مورد الابتلاء بذلك نسياناً ، وإلّا لو كان مع العمد لا فرق بين العزل وعدمه ، فأمره بالعزل لئلّا ينسى ويشتبه عليه الأمر ويستعمل الطيب نسياناً.
ومنها : ما رواه الصدوق عن الحسن بن زياد قال : «قلت لأبي عبد الله عليهالسلام :
__________________
(١) الوسائل ١٢ : ٤٤٥ / أبواب تروك الإحرام ب ١٨ ح ١١.
(٢) الوسائل ١٣ : ١٥٢ / أبواب بقية كفارات الإحرام ب ٤ ح ٨.