بما دلّ على أن من أكل خبيصاً فيه زعفران يتصدق بدرهم ، ففي معتبرة الحسن بن هارون عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «قلت له : أكلت خبيصاً فيه زعفران حتّى شبعت وأنا محرم ، قال : إذا فرغت من مناسكك وأردت الخروج من مكّة فاشتر بدرهم تمراً ثمّ تصدق به يكون كفّارة لما أكلت ، ولما دخل عليك في إحرامك مما لا تعلم» (١) والرواية معتبرة على بعض طرقها.
والجواب : أن ذيل الخبر شاهد على أنّه إنّما أكل الخبيص ناسياً لقوله : «يكون كفّارة لما أكلت ، ولما دخل عليك في إحرامك مما لا تعلم» ويتصدق بشيء لأنّه فعل ما لا يعلم وأدخل في إحرامه ما لا يعلم بكونه ممنوعاً له ، ولا بأس بالحمل على الاستحباب في صورة الجهل أو النسيان.
وبالجملة : لا دليل على ثبوت الكفّارة في غير الأكل سوى دعوى الإجماع ولم يثبت.
وربما يستدل لثبوت الكفّارة في غير الأكل أيضاً بروايتين :
الأُولى : صحيحة معاوية بن عمار «في محرم كانت به قرحة فداواها بدهن بنفسج ، قال : إن كان فعله بجهالة فعليه طعام مسكين ، وإن كان تعمد فعليه دم شاة يهريقه» (٢).
وفيه : أنّ الرواية أجنبية عن المقام ، لأنّ البنفسج ليس من الطيب وإنّما السؤال عن التدهين وهو محرم آخر سيأتي البحث عنه (٣).
الثانية : رواية علي بن جعفر المروية في قرب الاسناد عن أخيه موسى بن جعفر عليهالسلام قال : «لكل شيء جرحت من حجك فعليه (فعليك) فيه دم يهريقه (تهريقه) حيث شئت» (٤) فإنّها تدل على أن جميع المخالفات وارتكاب تروك الإحرام
__________________
(١) الوسائل ١٣ : ١٤٩ / أبواب بقية كفارات الإحرام ب ٣ ح ١.
(٢) الوسائل ١٣ : ١٥١ / أبواب بقية كفارات الإحرام ب ٤ ح ٥.
(٣) في ص ٤٥٦.
(٤) الوسائل ١٣ : ١٥٨ / أبواب بقية كفارات الإحرام ب ٨ ح ٥.