وروى الشيخ الكليني بطريق معتبر عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «من مات ولم يحجّ حجّة الإسلام ولم يمنعه من ذلك حاجة تجحف به أو مرض لا يطيق معه الحجّ أو سلطان يمنعه فليمت يهوديّاً أو نصرانيّاً» وهناك روايات كثيرة تدل على وجوب الحجّ والاهتمام به لم نتعرّض لها طلباً للاختصار ، وفي ما ذكرناه من الآية الكريمة والرّواية كفاية للمراد.

واعلم أنّ الحجّ الواجب على المكلّف في أصل الشرع إنّما هو لمرّة واحدة ويسمّى ذلك بحجّة الإسلام (١).


ليس هذا هكذا فقد كفر» (١) بدعوى : أنّ قوله : «ليس هذا هكذا» راجع إلى إنكار الحجّ.

وفيه : أنّ الظاهر رجوع ذلك إلى إنكار القرآن ، يعني من قال : إنّ هذه الآية ليست من القرآن وإنّ القرآن ليس هكذا فقد كفر ، فإنّه عليه‌السلام استشهد أوّلاً بالآية ثمّ بعد ذلك سأل السائل فمن لم يحجّ فقد كفر فقال عليه‌السلام : لا ، ولكن من قال : إنّ هذا ليس من القرآن فقد كفر لرجوع ذلك إلى تكذيب النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله.

(١) بلا خلاف بين المسلمين ، بل الحكم بذلك يكاد أن يكون من الضروريّات. مضافاً إلى ذلك قيام السيرة القطعيّة على أنّه لو كان واجباً على أهل الثروة أكثر من مرّة واحدة لظهر وبان ولم يكن خفياً على المسلمين. وتدل على ذلك أيضاً النصوص فيها الصحيح وغيره ، منها معتبرة البرقي في حديث «وكلّفهم حجّة واحدة وهم يطيقون أكثر من ذلك» (٢).

وبإزائها ما يدلّ على وجوب الحجّ في كلّ عام على أهل الجدة والثروة وقد أفتى على طبقها الصدوق (٣) ، منها : صحيح علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه‌السلام قال : «إنّ الله عزّ وجلّ فرض الحجّ على أهل الجدة في كلّ عام ، وذلك قوله عزّ وجلّ :

__________________

(١) الوسائل ١١ : ١٦ / أبواب وجوب الحجّ ب ٢ ح ١ ، التهذيب ٥ : ١٦ / ٤٨.

(٢) الوسائل ١١ : ١٩ / أبواب وجوب الحجّ ب ٣ ح ١ ، المحاسن : ٢٩٦ / ٤٦٥.

(٣) علل الشرائع ٢ : ٤٠٥.

۵۵۴