الجماع قبل الوقوف في المزدلفة ولا دليل على شيء منهما في المقام :
ويدلُّ على عدم الفساد مضافاً إلى ما تقدّم أمران :
أحدهما : مفهوم صحيحة معاوية بن عمار «إذا وقع الرجل بامرأته دون مزدلفة أو قبل أن يأتي مزدلفة فعليه الحجّ من قابل» (١) فان مقتضى مفهوم الشرط إن لم يجامع قبل المزدلفة لم يكن عليه حج من قابل ، ومقتضى إطلاقه وإن جامع بعدها ، وحجية إطلاق المفهوم كحجية المنطوق.
ثانيهما : صحيحة أُخرى لمعاوية بن عمار «عن متمتع وقع على أهله ولم يزر قال ينحر جزوراً ، وقد خشيت أن يكون قد ثلم حجه إن كان عالماً» (٢) فإنّها تدل على عدم الفساد بالجماع قبل طواف الزيارة أي طواف الحجّ ، والمعنى أنّ الحاج المتمتع جامع قبل أن يطوف طواف الحجّ وبعد الإتيان بمناسك الوقوفين ، فذكر عليهالسلام أن عليه البدنة ولكن العمل صحيح ، وإنّما خشي الفساد ، وخشية الفساد غير نفس الفساد.
وقد ورد مثل هذا التعبير في عمرة التمتّع بالجماع بعد السعي وقبل التقصير ، فالحكم في الجميع واحد ، وخشية الفساد والثلم تدل على الصحّة في نفسه.
ثمّ إن ما ذكرناه من صحيحة معاوية بن عمار الواردة في باب الحجّ رواية مستقلّة غير ما روي عنه في عمرة المتعة ، بل هما روايتان مستقلّتان ذكر إحداهما في مسألة الحجّ والأُخرى في عمرة المتعة ، وليس أحدهما ذيلاً للآخر أو صدراً له ، وإن كان التعبير الواقع في أحدهما قريباً إلى الآخر.
وبالجملة هما روايتان وردت إحداهما في الحجّ وهي الصحيحة المتقدِّمة قبيل ذلك ، وثانيتهما وردت في عمرة المتعة (٣) فما توهمه المعلّق على الوسائل من وحدة الروايتين سهو واشتباه ، فالصحيح ما صنعه صاحب الوسائل من ذكرهما في بابين
__________________
(١) الوسائل ١٣ : ١١٠ / أبواب كفارات الاستمتاع ب ٣ ح ١.
(٢) الوسائل ١٣ : ١٢١ / أبواب كفارات الاستمتاع ب ٩ ح ١.
(٣) الوسائل ١٣ : ١٣٠ / أبواب كفارات الاستمتاع ب ١٣ ح ٤.