وهذه قرينة قطعية على وقوع الجماع في الحجّ لا العمرة المتمتّع بها ، إذ لا يتصوّر في عمرة المتعة الرجوع إلى المكان الّذي أحدثا فيه هذا الحدث غالباً ، بخلاف الحاج فإنّه إذا حدث هذا الحدث في مكّة مثلاً فاللازم التفريق بينهما حتّى يرجعا من مناسكهما إلى هذا المكان الّذي أحدثا فيه ، سواء في نفس هذا الحجّ أو الحجّة المعادة ، فإنّ الغالب في الحجاج الرجوع إلى مكّة وهذا المعنى لا يتحقق بالنسبة إلى المتمتع الّذي يحرم من أحد المواقيت ، فإنّه إذا جامع بعد الإحرام في طريقه إلى مكّة لا يتقيّد بالرجوع إلى نفس هذا المكان الّذي أصاب ، بل يمكن أن يرجع من مكان آخر كما لعلّه الغالب.
على أن لزوم الافتراق حتّى يبلغ الهدي محلِّه كما في بعض الروايات شاهد قوي على أنّ المراد بالإحرام الّذي وقع فيه الجماع هو الحجّ.
ولو سلمنا الإطلاق لهذه الروايات وشمولها لعمرة المتعة أيضاً فيعارض بإطلاق صحيحة معاوية بن عمار الدالّة على عدم الفساد بالجماع قبل التقصير ، بناءً على ما عرفت من أن إطلاق «قبل التقصير» يشمل قبل السعي أيضاً ، لأنّ المراد بقبل التقصير عدم الخروج من الإحرام ، ولذا أثبتنا الكفّارة في الجماع قبل السعي بإطلاق هذه الصحيحة ، فيقدم صحيح معاوية بن عمار لأنّه أخص.
ولو فرضنا تكافؤهما وتعارضهما فلا دليل على وجوب الحجّ من قابل في صورة وقوع الجماع قبل السعي فإن ذلك يحتاج إلى دليل.
فالأظهر عدم فساد عمرته أيضاً ، والأحوط إعادتها في هذه السنة قبل الحجّ مع الإمكان ويحجّ بعدها ، ومع عدم إمكان إعادتها يتمّها ويعيد حجّه في العام القابل.
ثمّ إنّه لا فرق في الجماع بين الوطي قبلاً أو دبراً ، لأنّ المذكور في النصوص الجماع والمواقعة والغشيان ونحو ذلك من التعابير الّتي تكون كناية عن مطلق الوطي فإنّ الجماع لم يوضع للوطي قبلاً ، وإنّما هو موضوع للجمع بين الشخصين ، ولكن المراد به المعنى الكنائي كالمس واللمس اللذين يراد بهما المعنى الكنائي وهو الوطي ، وإن كان الغالب هو للوطي قبلاً فلا خصوصية للقبل ، فلا موجب للاختصاص به بدعوى الانصراف لأجل غلبة الوجود.