وقد يتخيّل أن بعض الروايات الدالّة على الفساد مطلقة ولا اختصاص لها بالحج كصحيحة زرارة قال : «سألته عن محرم غشي امرأته وهي محرمة ، قال : جاهلين أو عالمين؟ قلت أجنبي عن الوجهين جميعاً ، قال : إن كانا جاهلين إلى آخر الحديث» (١) فادعى أنّه لا ظهور لها في خصوص الحجّ ، بل الموضوع فيها المحرم وهو يشمل المتمتع بالعمرة أيضاً.
والجواب : إن كان المراد بالأمر بالحج من قابل فساد الحجّ الّذي وقع فيه الجماع فساداً حقيقياً كفساد العمرة المفردة ، أو فساد الصلاة بالتكلّم ونحوه من المبطلات وأن ما أتى به لا يحسب من الحجّ وإن وجب عليه إتمامه تعبداً ، ويجب عليه الحجّ من قابل ، فعدم صحّة الاستدلال بالرواية بالنسبة إلى عمرة المتعة واضح جدّاً ، لأن فساد عمرة المتعة لا يوجب الحجّ عليه من قابل ، فان تدارك العمرة أمر سهل يسير غالباً فيخرج إلى خارج الحرم كالتنعيم ونحوه ويحرم ويأتي بالأعمال وهي الطّواف وصلاته والسعي ، ولو فرضنا فرضاً نادراً أنّه لا يتمكّن من العمرة لضيق الوقت ونحوه ، ينقلب حجه إلى الافراد ، ويأتي بالعمرة بعد ذلك ، فذكر الحجّ من قابل قرينة على وقوع الجماع في الحجّ وأنّ الإحرام إحرام الحجّ.
وإن قلنا بأنّ الحجّ الأوّل حجة والثاني عقوبة عليه ، والحكم بالفساد تنزيلي باعتبار لزوم الإتيان بحج آخر في السنة الآتية عقوبة وإلّا ففرضه ما وقع فيه الجماع فهذا يمكن فرضه في عمرة المتعة بأن يجب عليه الحجّ من قابل عقوبة عليه ، ولكن مع ذلك لا يمكن أن يقال بشمول الروايات لعمرة المتعة ، لأنّ المذكور في الروايات أنّه فرّق بينهما من المكان الّذي أحدثا فيه وعليهما بدنة وعليهما الحجّ من قابل ، فإذا بلغا المكان الّذي أحدثا فيه فرّق بينهما حتّى يقضيا نسكهما ، ويرجعا إلى المكان الّذي أصابا فيه ما أصابا (٢).
وفي بعضها «يفرق بينهما ولا يجتمعان في خباء حتّى يبلغ الهدي محلِّه» (٣).
__________________
(١) الوسائل ١٣ : ١١٢ / أبواب كفارات الاستمتاع ب ٣ ح ٩.
(٢) ٣) الوسائل ١٣ : ١١٢ / أبواب كفارات الاستمتاع ب ٣ ح ٩ ، ٥.