أصاب المحرم الصيد خطأ فعليه أبداً في كل ما أصاب الكفّارة» (١).
وفي مرسلة أخرى له : «إذا أصاب المحرم الصيد خطأً فعليه كفّارة ، فإن أصابه ثانية خطأً فعليه الكفّارة أبداً إذا كان خطأً ، فإن أصابه متعمِّداً كان عليه الكفّارة ، فإن أصابه ثانية متعمِّداً فهو ممّن ينتقم الله منه ، والنقمة في الآخرة ، ولم يكن عليه الكفّارة» (٢).
ولا يخفى إن قلنا بحجية مراسيل ابن أبي عمير فالأمر سهل ، لأنّ المراسيل تكون وجه جمع بين أخبار المسألة بها ، ويرتفع التعارض ويثبت قول المشهور ، ولكن حيث لا نرى حجية مراسيل ابن أبي عمير فالتعارض باق على حاله ، فالعبرة بالطائفتين المتقدمتين فلا بدّ من علاج آخر لرفع التعارض بينهما فنقول :
إن رواية معاوية بن عمار الدالّة على تعدد الكفّارة وتكررها بتكرر الصيد مطلقة من حيث العمد والخطأ ، وما دلّ على عدم التعدد كصحيحتي الحلبي خاص بالعمد ، لأن مورده الانتقام والانتقام لا يكون إلّا في العمد ، وأمّا في مورد الخطأ والنسيان فلا موجب للانتقام ، فمورد الصحيحتين الدالّتين على عدم تعدد الكفّارة إنّما هو خصوص الصيد العمدي.
هذا بالنسبة إلى الصيد الثاني الصادر منه ، وأمّا بالنسبة إلى الوجود الأوّل والصيد الصادر منه أوّلاً فالرواية مطلقة من حيث العمد والخطأ لقوله عليهالسلام : «في محرم أصاب صيداً».
وبعبارة اخرى : صدر صحيحتي الحلبي مطلق من حيث العمد والخطأ ، فالاصابة الاولى بمقتضى إطلاق الصدر توجب الكفّارة ، سواء كانت عن عمد أو خطأ ، وأمّا الإصابة الثانية تحمل على خصوص العمد بقرينة الانتقام منه ، فانّ الانتقام لا يحسن إلّا إذا كان الفعل صادراً عن عمد كما تقدّم.
وبتقريب آخر : مقتضى إطلاق صدر صحيحتي الحلبي عدم تكرر الكفّارة حتّى إذا كانت الإصابة الاولى خطيئة والإصابة الثانية عمدية وأنّه لا تجب إلّا كفّارة واحدة
__________________
(١) الوسائل ١٣ : ٩٣ / أبواب كفارات الصيد ب ٤٧ ح ٢.
(٢) الوسائل ١٣ : ٩٤ / أبواب كفارات الصيد ب ٤٨ ح ٢.