والّذي يمكن أن يقال : إنّ المذكور في الآية الشريفة المماثلة ، لقوله تعالى ﴿فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ (١) وحينئذ فان كانت المماثلة تتحقق بمجرّد صدق البدنة على الجزاء مثلاً كما ذهب إليه المشهور فلا حاجة إلى حكم العدلين في مثلية الجزاء ، فان ذلك أمر واضح لكل أحد ، ولذا ذكروا أنّ القراءة «ذو عدل» مكان «ذوا عدل» والمراد بقوله تعالى ﴿ذَوا عَدْلٍ النبيّ والإمام عليهما‌السلام ورسم الألف في «ذوا عدل» من أخطاء الكتّاب ، ودلّت على ذلك عدّة من الروايات بعضها معتبرة (٢) فالمراد بقوله تعالى ﴿يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ أن يحكم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله والإمام عليه‌السلام بوجوب البدنة مثلاً للنعامة ، فإذا حكم به النبيّ أو الإمام فحسبك ولا يعتبر أزيد من ذلك ، فلا حاجة إلى حكم العدلين في مثلية الجزاء بلحاظ الصغر والكبر والأُنثى والذكر.

ولا يخفى ما فيه من الوهن والضعف :

أمّا أوّلاً : فلأن ما ذكروه مستلزم للتحريف وهو باطل جزماً ، ولا يمكن الالتزام به أبداً ، قال الله تعالى ﴿إِنّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنّا لَهُ لَحافِظُونَ (٣) وقال تعالى ﴿لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ (٤) وقد بينا تفصيل ذلك في كتابنا البيان (٥).

وثانياً : أنّ التعبير عن النبيّ والإمام عليهما‌السلام بـ «ذو عدل منكم» لا يناسب كلام الله تعالى ولا مقام النبيّ والإمام عليه‌السلام فان «منكم» ظاهر في أنّ العدلين من الأشخاص العاديين ، وهذا ممّا لا يمكن الالتزام به ولا يناسب هذا التعبير شأن النبيّ والإمام عليه‌السلام.

__________________

(١) المائدة ٥ : ٩٥.

(٢) تفسير البرهان ١ : ٥٠٣.

(٣) الحجر ١٥ : ٩.

(٤) فصّلت ٤١ : ٤٢.

(٥) البيان : ٢٠٧.

۵۵۴