وبالجملة : وقع الكلام بين الفقهاء فيما يجوز للمحرم ذبحه ، فبعضهم خصّ الحكم بالجواز بالدجاج والنعم كالمحقق في الشرائع (١) ، فغير ذلك داخل تحت عموم المنع. وبعضهم عبّر بالأهلي فيشمل مثل الحمير والبغال والخيول ، وذكرنا أنّه بناءً على عدم الاختصاص بالدجاج والنعم يجوز قتل مطلق الأهلي وإن لم يطلب لحمه كالحمير.
وكذلك يجوز قتل المتولّد من الوحشي الأصلي المتأهّل بالعرض ، فما يجوز ذبحه لا ينحصر بالنعم والدجاج.
وأمّا رواية سهل الحاصرة بذلك فضعيفة السند.
نعم ، روى الصدوق بسند صحيح عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «لا يذبح في الحرم إلّا الإبل والبقر والغنم والدجاج» (٢).
وروى عنه في الوافي كذلك (٣) ، ومقتضاه الاختصاص بالمذكورات ، ولكن الوسائل روى عن الشيخ بنفس السند أنّه قال : «تذبح في الحرم الإبل والبقر والدجاج» (٤) ثمّ قال : ورواه الصدوق بإسناده عن ابن مسكان مثله ، فيعلم أنّ نسخة الفقيه الّتي كانت عند صاحب الوسائل مطابقة لرواية الشيخ ، فلا يمكن الاعتماد على نسخ الفقيه الموجودة بين أيدينا.
ولو أغمضنا عن ذلك والتزمنا باشتباه صاحب الوسائل والتزمنا بصحّة نسخ الفقيه المطبوعة المتداولة فتكون رواية الصدوق مخالفة لرواية الشيخ فهما متنافيان ولا يحتمل صحّتهما معاً ، ولا وجه لتقدّم رواية الصدوق على رواية الشيخ وإن كان الصدوق أضبط ، لأن كلّا منهما واجد لشرائط الحجية فيتعارضان.
ومع قطع النظر عن ذلك أيضاً ، وفرضنا أنّ الرّواية منحصرة برواية الصدوق أيضاً لا يمكن الأخذ بها ، لمنافاتها للكلية المذكورة المستفادة من النصوص ، وهي
__________________
(١) الشرائع ١ : ٣٢٥.
(٢) الفقيه ٢ : ١٧٢ / ٧٥٥.
(٣) الوافي ١٢ : ١٢٤ / ١١٦٥٣.
(٤) الوسائل ١٢ : ٥٤٨ / أبواب تروك الإحرام ب ٨٢ ح ١.