فتعارض هذه الطائفة الطائفة الاولى فلا يؤخذ بإحداهما ، ويرجع إلى عمومات الحل فيكون التحريم مختصّاً بالمحرم ويجوز الأكل للمحل.
ويدلُّ على جواز أكل الصّيد الّذي ذبحه المحرم للمحل مضافاً إلى ما ذكرنا ، النصوص الدالّة على تقديم الصّيد على الميتة للمحرم المضطر إلى الأكل ، معلّلاً في بعضها بأنّه إنّما يأكل ماله (١) ، ومن الواضح أنّ الميتة ليست بمال ، ولو كان الأمر كما ذكره المشهور لكانت ذبيحة المحرم المصطادة ميتة أيضاً ، فلا ترجيح في البين ، بل لا بدّ من تقديم الميتة على الصّيد ، ضرورة عدم الحرمة الصّيديّة في الميتة ، بل حرمة الصّيد آكد لأنّه صيد وميتة ، فتقديم الصّيد على الميتة للمحرم المضطر يكشف عن أنّ الصّيد الّذي ذبحه المحرم ليس محكوماً بالميتة فيجوز للمحل أكله.
نعم ، ورد في بعض الرّوايات تقديم الميتة على الصّيد (٢) ولكنّها محمولة على التقيّة لأنّ ذلك مذهب العامّة (٣).
والّذي ينبغي أن يقال : إنّه إن قلنا بعدم حجية الخبر الموثّق ، واختصاص الحجيّة بالصحاح ، فالأمر كما ذكره سيِّد المدارك ، لسقوط خبر إسحاق بن عمار عن الحجية عنده فتبقى روايات الجواز بلا معارض ، وأمّا إذا قلنا بحجية الموثق كما هو الصحيح فلا معارضة في البين ، والوجه في ذلك :
أنّ المعارضة بين موثق إسحاق والرّوايات المجوزة تكون بالإطلاق والتقييد ، والمقيّد مقدم على المطلق ، فاللّازم حينئذ تعين العمل بموثق إسحاق ، لأنّ روايات الجواز تدل بإطلاقها على حلية صيد المحرم للمحل سواء كان الذابح هو المحرم أو غيره أو مات بنفس الصّيد والرّمي ، وليس فيها ظهور في خصوص استناد الموت إلى ذبح المحرم ، بل رواية القتل (٤) أيضاً مطلقة من حيث استناد القتل إلى ذبح المحرم ، أو
__________________
(١) الوسائل ١٣ : ٨٤ / أبواب كفارات الصّيد ب ٤٣.
(٢) الوسائل ١٣ : ٨٧ / أبواب كفارات الصّيد ب ٤٣ ح ١١ ، ١٢.
(٣) المغني ٣ : ٢٩٦. والبحر الرائق ٣ : ٣٦.
(٤) الوسائل ١٢ : ٤٣٢ / أبواب تروك الإحرام ب ١٠ ح ٦ ، والمتقدّمة في ص ٢٨١.