الصورة الرّابعة : أن يكون خارج الحرم ولم يمكنه الرّجوع إلى الميقات ، وعليه في هذه الصورة أن يحرم من محلِّه (١). وفي جميع هذه الصور الأربع يحكم بصحّة عمل المكلّف إذا قام بما ذكرناه من الوظائف.


حتّى من دخل مكّة ولم يمكنه الرّجوع ، فإنّه يحرم من مكانه.

(١) هذه الصورة على نحوين :

أحدهما : ما إذا فرض أنّ أمامه ميقات آخر ، كما إذا تجاوز بلا إحرام عن مسجد الشجرة جهلاً أو نسياناً ثمّ تذكر وعلم ، ولكن لا يتمكّن من الرّجوع إلى مسجد الشجرة وكان أمامه الجحفة ، ففي مثله يجب عليه الإحرام من الجحفة ، لأنّ الرّجوع إلى الميقات الأوّل غير واجب عليه ، لفرض عدم قدرته على الرّجوع إليه ، فيجب الإحرام من الميقات الإمامي ، لعموم ما دلّ على لزوم الإحرام من الميقات وعدم التجاوز عنه بلا إحرام.

ثانيهما : ما إذا لم يكن أمامه ميقات آخر ولا يتمكّن من الرّجوع إلى الميقات الّذي تجاوزه بلا إحرام أو سلك طريقاً لا يمر بميقات أصلاً فذكر غير واحد أنّه يحرم من مكانه ومحلِّه.

ولا ريب أنّ هذا مبني على وجوب الابتعاد بالمقدار الممكن عن محل الذكر ورفع العذر ، كما ورد ذلك بالنسبة إلى الحائض في صحيحة معاوية بن عمار المتقدّمة (١).

وأمّا بناءً على عدم وجوب الابتعاد بالمقدار الممكن على الإطلاق وإنّما ثبت ذلك في خصوص الحائض فلا يجب الإحرام من مكانه ومحلِّه ، بل هو مخير في الإحرام من أيّ موضع شاء قبل الوصول إلى الحرم ، لأنّ الميزان بوقوع الإحرام في خارج الحرم سواء وقع الإحرام في مكان الذكر أو بعده قبل الوصول إلى الحرم ، فالحكم المذكور في المتن مبني على الاحتياط فإنّه حسن بلا إشكال.

__________________

(١) في ص ٢٤٤.

۵۵۴