كما أنّ الحجّ لا يجب مباشرة على مستطيع لا يتمكّن من قطع المسافة لهرم أو مرض أو لعذر آخر ، ولكن تجب عليه الاستنابة على ما سيجيء تفصيله.
المعبّر عنه بالاستطاعة السربيّة ، فتدل عليه نفس الآية الشريفة ﴿... مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً﴾ ... (١) فإنّ الاستطاعة السبيليّة الواردة في الآية لا تصدق إلّا على ما إذا كان الطريق مأموناً ومخلى سربه ، لا يخاف على نفسه أو عرضه أو ماله.
مضافاً إلى دلالة النصوص المعتبرة على ذلك ، منها : صحيحة هشام بن الحكم ، عن أبي عبد الله عليهالسلام في قوله عزّ وجلّ ﴿وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً﴾ ما يعني بذلك؟ قال : من كان صحيحاً في بدنه مخلى سربه له زاد وراحلة» (٢).
ومنها : معتبرة محمّد بن يحيى الخثعمي قال : «سأل حفص الكناسي أبا عبد الله عليهالسلام وأنا عنده عن قول الله عزّ وجلّ ﴿... وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً﴾ ... ما يعني بذلك؟ قال : من كان صحيحاً في بدنه مخلى سربه له زاد وراحلة فهو ممّن يستطيع الحجّ ، الحديث» (٣). بل مجرّد الخوف على نفسه أو عرضه أو ماله يكفي في سقوط الحجّ ، لأنّ الخوف بنفسه موضوع مستقل لجواز الترك وقد جرت سيرة العقلاء على الاجتناب عن محتمل الضّرر.
وأمّا اعتبار الاستطاعة البدنيّة فتدل عليه أيضاً الرّوايات المفسّرة للآية الكريمة كصحيحة هشام ومعتبرة الخثعمي المتقدّمتين ، وأمّا وجوب الاستنابة فيما إذا لم يتمكّن من المباشرة فسيأتي تفصيله في المسألة ٦٣.
__________________
(١) آل عمران ٣ : ٩٧.
(٢) الوسائل ١١ : ٣٥ / أبواب وجوب الحجّ ب ٨ ح ٧.
(٣) الوسائل ١١ : ٣٤ / أبواب وجوب الحجّ ب ٨ ح ٤.