ويردّ : بأنّ كلمة «لا أُحب» غير ظاهرة في الجواز مع الكراهة ، بل المراد بها مطلق المبغوضيّة وذلك يجتمع مع الحرمة ، وقد استعملت كلمة «لا أُحب» في الموارد المبغوضة في القرآن المجيد كقوله تعالى ﴿... وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ﴾ (١) ﴿لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ﴾ ... (٢) وغير ذلك من الآيات.
الثّاني : مرسلة الصدوق «إذا أراد المتمتع الخروج من مكّة إلى بعض المواضع فليس له ذلك ، لأنّه مرتبط بالحج حتّى يقضيه ، إلّا أن يعلم أنّه لا يفوته الحجّ» (٣) فإنّ المتفاهم من ذلك أن المنع عن الخروج لاحتمال فوت الحجّ ، فلو علم بعدم الفوت فلا موجب لحرمة الخروج.
وفيه : أنّ الرّواية مرسلة لا يمكن الاعتماد عليها.
ومنها : خبر أبان «فيخرج محرماً ولا يجاوز إلّا على قدر ما لا تفوته عرفة» (٤) فإنّه يدل على أنّ جواز الخروج وعدمه يدوران مدار فوت الحجّ وعدمه ، ولذا استفاد قدسسره من النصوص عدم الكراهة مع علمه بعدم فوت الحجّ منه ، لأنّ الظاهر من جميع الأخبار المانعة أنّ المنع للتحفظ عن عدم إدراك الحجّ وفوته ، لكون الخروج في معرض ذلك.
والجواب عن ذلك : أنّ خبر أبان مورده الخروج محرماً للحاجة فهو أجنبي عن جواز الخروج محلا لا لغير الحاجة الّذي هو محل الكلام.
مضافاً إلى ضعف السند بالإرسال من وجهين ، لأنّ معلى بن محمّد يرويه عمّن ذكره وأبان بن عثمان عمّن أخبره.
والحاصل : لا يمكن رفع اليد عن تلك الرّوايات المعتبرة المصرّحة بعدم جواز الخروج على الإطلاق بهذه الوجوه الضعيفة.
__________________
(١) البقرة ٢ : ٢٠٥.
(٢) النِّساء ٤ : ١٤٨.
(٣) الوسائل ١١ : ٣٠٤ / أبواب أقسام الحجّ ب ٢٢ ح ١٠ ، الفقيه ٢ : ٢٣٨ / ١١٣٩.
(٤) الوسائل ١١ : ٣٠٤ / أبواب أقسام الحجّ ب ٢٢ ح ٩.